وقد قال الفضيل بن عياض: المحبة أفضل من الخوف، ثم استشهد بكلام هذا الحكيم الذي حكاه عنه وهب. وكذا قال يحيى بن معاذ قال: حسبك من الخوف ما يمنع من الذنوب، ولا حسب من الحب أبدا.
فأما الخوف والرجاء، فأكثر السلف على أنهما يستويان، لا يرجح أحدهما على الآخر، قاله مطرف والحسن وأحمد وغيرهم، ومنهم من رجح الخوف على الرجاء، وهو محكي عن الفضيل وأبي سليمان الداراني.
ومن هذا أيضا قول حذيفة المرعشي: إن عبدا يعمل على خوف لعبد سوء، وإن عبدا يعمل على رجاء لعبد سوء، كلاهما عندي سواء. ومراده إذا عمل على إفراد أحدهما عن الآخر.
وقال وهيب بن الورد: لا تكونوا كالعامل، يقال له: تعمل كذا وكذا، فيقول: نعم إن أحسنتم لي من الأجر، ومراده: ذم من لا يلحظ في العمل إلا الأجر.
وهؤلاء العارفون لهم ملحظان:
أحدهما: أن الله تعالى يستحق لذاته أن يطاع ويحب، ويبتغى قربه والوسيلة إليه مع قطع النظر عن كونه يثيب عباده ويعاقبهم، كما قال القائل.
هب البعث لم تأتنا رسله * وجاحمة النار لم تضرم أليس من الواجب المستحق * حياء العباد من المنعم وقد أشار هذا إلى أن نعمه على عباده تستوجب منهم شكره عليها وحياءهم منه. وهذا هو الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما قام حتى تورمت قدماه، فقيل له: أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما