وقرئ على رابعة العدوية اية فيها ذكر النار، فصرخت ثم سقطت، فمكثت ما شاء الله لم تفق.
ودخل ابن وهب الحمام فسمع قارئا يقول: (وإذ يتحاجون في النار)، [غافر: 47]. فسقط مغشيا عليه، فغسل عنه بالنورة وهو لا يعقل.
ولما أهديت معاذة العدوية إلى زوجها، صلة بن أشيم، أدخله ابن أخيه الحمام، ثم أدخله بيتا مطيبا، فقام يصلي حتى أصبح، وفعلت معاذة كذلك، فلما أصبح عاتبه ابن أخيه على فعله، فقال له: إنك أدخلتني بالأمس بيتا أذكرتني به النار، ثم أدخلتني بيتا أذكرتني به الجنة، فما زالت فكرتي فيهما حتى أصبحت.
قال العباس بن الوليد عن أبيه: كان الأوزاعي إذا ذكر النار، لم يقطع ذكرها، ولم يقدر أحد أن يسأله عن شئ، حتى يسكت، فأقول بيني وبين نفسي:
ترى بقي أحد في المجلس لم يتقطع قلبه حسرات؟!.
كانت آمنة بنت أبي الورع من العابدات الخائفات، وكانت إذا ذكرت النار قالت: أدخلوا النار، وأكلوا وشربوا من النار، وعاشوا، ثم تبكي. وكانت كأنها حبة على مقلي. وكانت إذا ذكرت النار بكت وأبكت.
قال عبد الواحد بن زيد: لم أر مثل قوم رأيتهم، هجمنا مرة على نفر من العباد في سواحل البحر، فتفرقوا حين رأونا، فما كنت تسمع عامة الليل إلا الصراخ والتعوذ من النار، فلما أصبحنا تعقبنا آثارهم فلم نر منهم أحدا.