وأما الخبر الذي صورته: (لا تجتمع أمتي على الخطأ)، فخبر واحد، وأمثل دليل للفقهاء قولهم: إن الهمم المختلفة، والآراء المتباينة، إذا كان أربابها كثيرة عظيمة، فإنه يستحيل اجتماعهم على الخطأ، وهذا باطل باليهود والنصارى وغيرهم من فرق الضلال.
هذه خلاصة ما كان النقيب أبو جعفر، علقه بخطه من الجزء الذي أقرأناه.
ونحن نقول: أما إجماع المسلمين فحجة، ولسنا نرتضي ما ذكره عنا من إنه أمثل دليل لنا إن الهمم المختلفة، والآراء المتباينة، يستحيل ان تتفق على غير الصواب، ومن نظر في كتبنا الأصولية علم وثاقة أدلتنا على صحة الاجماع وكونه صوابا، وحجة تحريم مخالفته، وقد تكلمت في اعتبار الذريعة للمرتضى على ما طعن به المرتضى في أدلة الاجماع.
وأما ما ذكره من الهجوم على دار فاطمة وجمع الحطب لتحريقها فهو خبر واحد غير موثوق به، ولا معول عليه في حق الصحابة، بل ولا في حق أحد من المسلمين ممن ظهرت عدالته.
وأما عائشة والزبير وطلحة فمذهبنا إنهم أخطئوا، ثم تابوا، وإنهم من أهل الجنة، وإن عليا عليه السلام شهد لهم بالجنة بعد حرب الجمل.
وأما طعن الصحابة بعضهم في بعض، فإن الخلاف الذي كان بينهم في مسائل الاجتهاد لا يوجب إثما، لان كل مجتهد مصيب، وهذا أمر مذكور في كتب أصول الفقه وما كان من الخلاف خارجا عن ذلك فالكثير من الأخبار الواردة فيه غير موثوق بها وما جاء من جهة صحيحة نظر فيه ورجح جانب أحد الصحابيين على قدر منزلته في الاسلام كما يروى عن عمر وأبي هريرة.