الحمد لله الذي جعل الأرض كفاتا، أحياء وأمواتا (1). والحمد لله الذي منها خلقنا، وعليها ممشانا، وفيها معاشنا، وإليها يعيدنا. طوبى لمن ذكر المعاد، وقنع بالكفاف، وأعد للحساب!
15 - إنكم مخلوقون اقتدارا، ومربوبون اقتسارا (2)، ومضمنون أجداثا (3)، وكائنون رفاتا (4)، ومبعوثون أفرادا، ومدينون حسابا. فرحم الله امرأ اقترف فاعترف، ووجل فعقل، وحاذر (5) فبادر، وعمر فاعتبر، وحذر فازدجر، وأجاب فأناب، وراجع فتاب، واقتدى فاحتذى (6)، وتأهب للمعاد، واستظهر بالزاد، ليوم رحيله، ووجه سبيله ولحال حاجته، وموطن فاقته، فقدم أمامه لدار مقامه، فمهدوا لأنفسكم على سلامه الأبدان وفسحة الأعمار، فهل ينتظر أهل غضارة (7) الشباب إلا حواني الهرم، وأهل بضاضة الصحة إلا نوازل السقم، وأهل مدة البقاء إلا مفاجأة الفناء واقتراب الفوت، ومشارفة الانتقال، وإشفاء الزوال، وحفز الأنين (8) ورشح الجبين، وامتداد العرنين (9)، وعلز القلق (10)، وقيظ الرمق (11)، وشدة المضض، وغصص الجرض (12).
16 - ثلاث منجيات: خشية الله في السر والعلانية، والقصد في الفقر والغنى، والعدل في الغضب والرضا.