مستقلة بنفسها فصحيح إذا كانت لفظة (ما) مرفوعة على الابتداء ولم تكن منصوبة بوقوع الفعل عليها وكانت لفظة (صدقة) أيضا مرفوعة غير منصوبة وفى هذا وقع النزاع فكيف يدعى أنها جملة مستقلة بنفسها! وأقوى ما يمكن أن نذكره أن نقول:
الرواية جاءت بلفظ (صدقة) بالرفع وعلى ما تأولتموه لا تكون إلا منصوبة والجواب عن ذلك أنا لا نسلم الرواية بالرفع ولم تجر عادة الرواة بضبط ما جرى هذا المجرى من الاعراب والاشتباه يقع في مثله فمن حقق منهم وصرح بالرواية بالرفع يجوز أن يكون أشتبه عليه فظنها مرفوعة وهي منصوبه (1). قلت: وهذا أيضا خلاف الظاهر وفتح الباب فيه يؤدى إلى إفساد الاحتجاج بكثير من الاخبار.
* * * قال: وأما حكايته عن أبي على أن أبا بكر لم يدفع إلى أمير المؤمنين عليه السلام السيف والبغلة والعمامة على جهة الإرث. وقوله: كيف يجوز ذلك مع الخبر الذي رواه!
وكيف خصصه بذلك دون العم الذي هو العصبة! فما نراه زاد على التعجب ومما عجب منه عجبنا ولم يثبت عصمة أبى بكر فينتفى عن أفعاله التناقض (2) قلت: لا يشك أحد في أن أبا بكر كان عاقلا وإن شك قوم في ذلك فالعاقل في يوم واحد لا يدفع فاطمة عليه السلام عن الإرث ويقول: إن أباك قال لي: إنني لا أورث ثم يورث في ذلك اليوم شخصا آخر من مال ذلك المتوفى الذي حكى عنه أنه لا يورث وليس انتفاء هذا التناقض عن أفعاله موقوفا على العصمة بل على العقل.