فهل يكون جواب ذلك قد علما أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: (لا نورث)!
قال أبو بكر: وأخبرنا أبو زيد قال: حدثني يحيى بن كثير أبو غسان قال: حدثنا شعبة، عن عمر بن مرة، عن أبي البختري قال: جاء العباس وعلى إلى عمر وهما يختصمان، فقال عمر لطلحة والزبير وعبد الرحمن وسعد: أنشدكم الله أسمعتم رسول الله صلى الله عليه يقول:
(كل مال نبي فهو صدقه، إلا ما أطعمه أهله، أنا لا نورث) فقالوا: نعم، قال:
وكان رسول الله يتصدق به، ويقسم فضله، ثم توفى فوليه أبو بكر سنتين يصنع فيه ما كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنتما تقولان: أنه كان بذلك خاطئا، وكان بذلك ظالما، وما كان بذلك إلا راشدا، ثم وليته بعد أبي بكر فقلت لكما: إن شئتما قبلتماه على عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده الذي عهد فيه، فقلتما: نعم، وجئتماني الان تختصمان، يقول هذا: أريد نصيبي من أبن أخي، ويقول هذا: أريد نصيبي من امرأتي!
والله لا أقضى بينكما إلا بذلك.
* * * قلت: وهذا أيضا مشكل، لان أكثر الروايات أنه لم يرو هذا الخبر الا أبو بكر وحده، ذكر ذلك أعظم المحدثين حتى أن الفقهاء في أصول الفقه أطبقوا على ذلك في احتجاجهم في الخبر برواية الصحابي الواحد. وقال شيخنا أبو علي: لا تقبل في الرواية إلا رواية اثنين كالشهادة، فخالفه المتكلمون والفقهاء كلهم، واحتجوا عليه (1) بقبول الصحابة رواية أبى بكر وحده: (نحن معاشر الأنبياء لا نورث)، حتى إن بعض أصحاب أبي على تكلف لذلك جوابا، فقال: قد روى أن أبا بكر يوم حاج فاطمة عليه السلام قال: أنشد الله امرأ سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا شيئا! فروى مالك بن أوس بن الحدثان، أنه سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا الحديث ينطق