فإن قال قائل: هو صلى الله عليه وآله أبوها، وحكمه في مالها كحكمه في ماله وفي بيت مال المسلمين، فلعله كان بحكم الأبوة يفعل ذلك!
قيل: فإذا كان يتصرف (1) فيها تصرف الأب في مال ولده، لا يخرجه ذلك عن كونه مال ولده، فإذا مات الأب لم يجز لأحد أن يتصرف في مال ذلك الولد، لأنه ليس بأب له فيتصرف في ماله تصرف الاباء في أموال أولادهم، على أن الفقهاء أو معظمهم لا يجيزون للأب أن يتصرف في مال الابن.
وها هنا إشكال آخر، وهو قول عمر لعلى عليه السلام والعباس: وأنتما حينئذ تزعمان أن أبا بكر فيها ظالم فاجر، ثم قال لما ذكر نفسه، وأنتما تزعمان أنى فيها ظالم فاجر، فإذا كانا يزعمان ذلك فكيف يزعم هذا الزعم مع كونهما يعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: (لا أورث)! إن هذا لمن أعجب العجائب، ولولا أن هذا الحديث - أعني حديث خصومة العباس وعلى عند عمر - مذكور في الصحاح المجمع عليها لما أطلت العجب من مضمونه، إذ لو كان غير مذكور في الصحاح لكان بعض ما ذكرناه يطعن في صحته، وأنما الحديث في الصحاح لا ريب في ذلك.
قال أبو بكر: وأخبرنا أبو زيد قال: حدثنا ابن أبي شيبة قال: حدثنا ابن علية، عن أيوب، عن عكرمة عن مالك بن أوس بن الحدثان قال: جاء العباس وعلى إلى عمر، فقال العباس: اقض بيني وبين هذا الكذا وكذا، أي يشتمه، فقال الناس: افصل بينهما، فقال لا أفصل بينهما، قد علما أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: (لا نورث، ما تركناه صدقه) قلت: وهذا أيضا مشكل، لأنهما حضرا يتنازعان لا في الميراث، بل في ولاية صدقة رسول الله صلى الله عليه وآله أيهما يتولاها ولاية لا إرثا وعلى هذا كانت الخصومة،