عنك فم هذا الكلب! فأرسل إليه بمائتي دينار، فقال له رسول زياد: إن أبن عمك زيادا الأمير قد أرسل إليك مائتي دينار لتنفقها، فقال: وصلته رحم! أي والله أبن عمى حقا. ثم مر به زياد من الغد في موكبه، فوقف عليه فسلم وبكى أبو العريان، فقيل له:
ما يبكيك؟ قال عرفت صوت أبي سفيان في صوت زياد. فبلغ ذلك معاوية فكتب إلى أبى العريان:
ما ألبثتك الدنانير التي بعثت * أن لونتك أبا العريان ألوانا أمسى إليك زياد في أرومته * نكرا فأصبح ما أنكرت عرفانا ل له در زياد لو تعجلها * كانت له دون ما يخشاه قربانا!
فلما قرئ كتاب معاوية على أبى العريان قال: أكتب جوابه يا غلام:
أحدث لنا صلة تحيا النفوس بها * قد كدت يا بن أبي سفيان تنسانا أما زياد فقد صحت مناسبه * عندي فلا أبتغي في الحق بهتانا من يسد خيرا يصبه حين يفعله * أو يسد شرا يصبه حيثما كانا.
وروى أبو عثمان أيضا، قال: كتب زياد إلى معاوية ليستأذنه في الحج، فكتب إليه أنى قد أذنت لك واستعملتك على الموسم، وأجزتك بألف ألف درهم. فبينا هو يتجهز إذ بلغ ذلك أبا بكرة أخاه - وكان مصارما له منذ لجلج في الشهادة على المغيرة بن شعبة أيام عمر لا يكلمه قد لزمته أيمان عظيمة ألا يكلمه أبدا - فأقبل أبو بكرة يدخل القصر يريد زيادا، فبصر به الحاجب، فأسرع إلى زياد قائلا، أيها الأمير، هذا أخوك أبو بكرة قد دخل القصر قال: ويحك، أنت رأيته! قال ها هو ذا قد طلع، وفى حجر زياد بنى يلاعبه، وجاء أبو بكرة حتى وقف عليه، فقال للغلام: كيف أنت يا غلام؟
أن أباك ركب في الاسلام عظيما! زنى أمه، وانتفى من أبيه، ولا والله ما علمت سمية رأت