شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٦ - الصفحة ١٨٥
كتاركة بيضها بالعراء * وملحفة بيض أخرى جناحا.
قد رأيت أن أعطف عليك، ولا أؤاخذك بسوء سعيك، وأن أصل رحمك، وأبتغي الثواب في أمرك، فاعلم أبا المغيرة، أنك لو خضت البحر في طاعة القوم فتضرب بالسيف حتى انقطع متنه لما ازددت منهم إلا بعدا، فإن بنى عبد شمس أبغض إلى بني هاشم من الشفرة إلى الثور الصريع وقد أوثق للذبح، فارجع - رحمك الله - إلى أصلك، واتصل بقومك، ولا تكن كالموصول بريش (1) غيره، فقد أصبحت ضال النسب. ولعمري ما فعل بك ذلك إلا اللجاج، فدعه عنك، فقد أصبحت على بينة من أمرك، ووضوح من حجتك، فإن أحببت جانبي، ووثقت بي، فإمرة بإمرة، وإن كرهت جانبي، ولم تثق بقولي ففعل جميل لا على ولا لي. والسلام.
فرحل المغيرة بالكتاب حتى قدم فارس، فلما رآه زياد قربه وأدناه ولطف به فدفع إليه الكتاب، فجعل يتأمله ويضحك، فلما فرغ من قراءته وضعه تحت قدمه ثم قال: حسبك يا مغيرة! فإني أطلع على ما في ضميرك، وقد قدمت من سفرة بعيدة، فقم وأرح ركابك. قال: أجل فدع عنك اللجاج يرحمك الله، وأرجع إلى قومك، وصل أخاك، وأنظر لنفسك، ولا تقطع رحمك! قال زياد، إني رجل صاحب أناة ولى في أمري روية، فلا تعجل على، ولا تبدأني بشئ حتى أبدأك. ثم جمع الناس بعد يومين أو ثلاثة، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إيها الناس: ادفعوا البلاء ما اندفع عنكم، وارغبوا إلى الله في دوام العافية لكم، فقد نظرت في أمور الناس منذ قتل عثمان، وفكرت فيهم فوجدتهم كالأضاحي، في كل عيد يذبحون، ولقد أفنى هذان اليومان - يوم الجمل وصفين - ما ينيف على مائه ألف، كلهم يزعم أنه طالب حق، وتابع أمام، وعلى بصيرة من أمره، فإن كان الامر هكذا فالقاتل والمقتول في الجنة، كلا

(1) ب: (كالموصول يطير بريش غيره).
(١٨٥)
مفاتيح البحث: بنو هاشم (1)، الضلال (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 29 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل البصرة 3
2 30 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 6
3 31 - من وصية له عليه السلام للحسن ابنه، كتبها إليه بحاضرين عند الفراق من صفين 9
4 ترجمة الحسن بن علي وذكر بعض أخباره 9
5 بعض ما قيل من الشعر في الدهر وفعله بالإنسان 55
6 أقوال حكيمة في وصف الدنيا وفناء الخلق 91
7 بعض ما قيل من الشعر في الغيرة 127
8 اعتزاز الفرزدق بقومه 129
9 وفود الوليد بن جابر على معاوية 130
10 32 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 132
11 ذكر بعض ما دار بين علي ومعاوية من الكتب 133
12 قثم بن العباس وبعض أخباره 140
13 34 - من كتاب له عليه السلام إلى محمد بن أبي بكر لما بلغه توجده من عزله بالأشتر على مصر 142
14 محمد بن أبي بكر وبعض أخباره 142
15 35 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن العباس بعد مقتل محمد ابن أبي بكر 145
16 36 - من كتاب له عليه السلام إلى أخيه عقيل بن أبي طالب في ذكر جيش أنفذه إلى بعض الأعداء 148
17 37 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 153
18 38 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل مصر لما ولى عليهم الأشتر 156
19 39 - من كتاب له عليه السلام إلى عمرو بن العاص 160
20 40 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله 164
21 41 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله أيضا 167
22 اختلاف الرأي فيمن كتبه له هذا الكتاب 169
23 42 - من كتاب له عليه السلام إلى عمر بن أبي سلمة المخزومي 173
24 عمر بن أبي سلمة ونسبه وبعض أخباره 173
25 النعمان بن عجلان ونسبه وبعض أخباره 174
26 43 - من كتاب له عليه السلام إلى مصقلة بن هبيرة الشيباني، وكان عامله على أردشير خرة 175
27 44 - من كتاب له عليه السلام إلى زياد بن أبيه، وقد بلغه أن معاوية كتب إليه يريد خديعته واستلحاقه 177
28 نسب زياد بن أبيه وذكر بعض أخباره وكتبه وخطبه 179
29 45 - من كتاب له عليه السلام إلى عثمان بن حنيف عامله على البصرة 205
30 عثمان بن حنيف ونسبه 205
31 ذكر ما ورد من السير والأخبار في أمر فدك وفيه فصول: الفصل الأول فيما ورد من الأخبار والسير المنقولة من أفواه أهل الحديث وكتبهم 210
32 الفصل الثاني في النظر في أن النبي صلى الله عليه وسلم هل يورث أم لا؟ 237
33 الفصل الثالث في أن فدك هل صح كونها نحلة رسول الله لفاطمة أم لا 268