وروى ابن الكلبي أن عبادا استلحقه زياد كما استلحق معاوية زيادا، كلاهما لدعوة.
قال: لما أذن لزياد في الحج تجهز، فبينا هو يتجهز وأصحاب القرب يعرضون عليه قربهم، إذ تقدم عباد - وكان خرازا - فصار يعرض عليه ويحاوره ويجيبه، فقال زياد: ويحك، من أنت؟ قال: أنا ابنك، قال: ويحك، وأي بنى؟ قال: قد وقعت على أمي فلانة، وكانت من بنى كذا، فولدتني، وكنت في بنى قيس بن ثعلبة وأنا مملوك لهم، فقال:
صدقت والله، إني لأعرف ما تقول. فبعث فأشتراه، وادعاه وألحقه، وكان يتعهد بنى قيس بن ثعلبه بسببه ويصلهم وعظم أمر عباد حتى ولاه معاوية سجستان بعد موت زياد، وولى أخاه عبيد الله البصرة، فتزوج عباد الستيرة (1) ابنه أنيف بن زياد الكلبي، فقال الشاعر يخاطب أنيفا - وكان سيد كلب في زمانه:
أبلغ لديك أباتر كان مألكة (2) * أنائما كنت أم بالسمع من صمم!
أنكحت عبد بنى قيس مهذبة * آباؤها من عليم معدن الكرم أكنت تجهل عبادا ومحتده * لا در درك أم أنكحت من عدم أبعد آل أبي سفيان تجعله * صهرا وبعد بنى مروان والحكم!
أعظم عليك بذا عارا ومنقصة * ما دمت حيا وبعد الموت في الرحم.
* * * وقال الحسن البصري: ثلاث كن في معاوية لو لم تكن فيه إلا واحدة منهن لكانت موبقة: انتزاؤه على هذه الأمة بالسفهاء حتى ابتزها أمرها، واستلحاقه زيادا مراغمة لقول رسول الله: (الولد للفراش، وللعاهر الحجر)، وقتله حجر بن عدي، فيا ويله من حجر وأصحاب حجر!