شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٦ - الصفحة ١٨٧
وروى علي بن محمد المدائني قال: لما أراد معاوية استلحاق زياد وقد قدم عليه الشام جمع الناس وصعد المنبر، وأصعد زيادا معه فأجلسه بين يديه على المرقاة التي تحت مرقاته، وحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس، إني قد عرفت نسبنا أهل البيت في زياد، فمن كان عنده شهادة فليقم بها. فقام ناس فشهدوا أنه أبن أبي سفيان، وأنهم سمعوا ما أقر به قبل موته، فقام أبو مريم السلولي - وكان خمارا في الجاهلية - فقال: أشهد يا أمير المؤمنين أن أبا سفيان قدم علينا بالطائف، فأتاني فاشتريت له لحما وخمرا وطعاما، فلما أكل قال: يا أبا مريم، أصب لي بغيا، فخرجت فأتيت بسمية، فقلت لها: أن أبا سفيان ممن قد عرفت شرفه وجوده، وقد أمرني أن أصيب له بغيا، فهل لك؟ فقالت:
نعم، يجئ الان عبيد بغنمه - وكان راعيا - فإذا تعشى، ووضع رأسه أتيته. فرجعت إلى أبي سفيان فأعلمته، فلم نلبث أن جاءت تجر ذيلها، فدخلت معه، فلم تزل عنده حتى أصبحت، فقلت له لما انصرفت: كيف رأيت صاحبتك؟ قال: خير صاحبة، لولا ذفر في إبطيها.
فقال زياد من فوق المنبر: يا أبا مريم، لا تشتم أمهات الرجال، فتشتم أمك.
فلما انقضى كلام معاوية ومناشدته قام زياد، وأنصت الناس، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس أن معاوية والشهود قد قالوا ما سمعتم، ولست أدرى حق هذا من باطله! وهو والشهود أعلم بما قالوا، وأنما عبيد أب مبرور، ووال مشكور ثم نزل.
* * * وروى شيخنا أبو عثمان أن زيادا مر وهو والى البصرة بأبي العريان العدوي - وكان شيخا مكفوفا، ذا لسن وعارضة شديده - فقال أبو العريان: ما هذه الجلبة؟ قالوا:
زياد بن أبي سفيان، قال: والله ما ترك أبو سفيان ألا يزيد ومعاوية وعتبة وعنبسة وحنظلة ومحمدا، فمن أين جاء زياد؟ فبلغ الكلام زيادا، وقال له قائل: لو سددت
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 29 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل البصرة 3
2 30 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 6
3 31 - من وصية له عليه السلام للحسن ابنه، كتبها إليه بحاضرين عند الفراق من صفين 9
4 ترجمة الحسن بن علي وذكر بعض أخباره 9
5 بعض ما قيل من الشعر في الدهر وفعله بالإنسان 55
6 أقوال حكيمة في وصف الدنيا وفناء الخلق 91
7 بعض ما قيل من الشعر في الغيرة 127
8 اعتزاز الفرزدق بقومه 129
9 وفود الوليد بن جابر على معاوية 130
10 32 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 132
11 ذكر بعض ما دار بين علي ومعاوية من الكتب 133
12 قثم بن العباس وبعض أخباره 140
13 34 - من كتاب له عليه السلام إلى محمد بن أبي بكر لما بلغه توجده من عزله بالأشتر على مصر 142
14 محمد بن أبي بكر وبعض أخباره 142
15 35 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن العباس بعد مقتل محمد ابن أبي بكر 145
16 36 - من كتاب له عليه السلام إلى أخيه عقيل بن أبي طالب في ذكر جيش أنفذه إلى بعض الأعداء 148
17 37 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 153
18 38 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل مصر لما ولى عليهم الأشتر 156
19 39 - من كتاب له عليه السلام إلى عمرو بن العاص 160
20 40 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله 164
21 41 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله أيضا 167
22 اختلاف الرأي فيمن كتبه له هذا الكتاب 169
23 42 - من كتاب له عليه السلام إلى عمر بن أبي سلمة المخزومي 173
24 عمر بن أبي سلمة ونسبه وبعض أخباره 173
25 النعمان بن عجلان ونسبه وبعض أخباره 174
26 43 - من كتاب له عليه السلام إلى مصقلة بن هبيرة الشيباني، وكان عامله على أردشير خرة 175
27 44 - من كتاب له عليه السلام إلى زياد بن أبيه، وقد بلغه أن معاوية كتب إليه يريد خديعته واستلحاقه 177
28 نسب زياد بن أبيه وذكر بعض أخباره وكتبه وخطبه 179
29 45 - من كتاب له عليه السلام إلى عثمان بن حنيف عامله على البصرة 205
30 عثمان بن حنيف ونسبه 205
31 ذكر ما ورد من السير والأخبار في أمر فدك وفيه فصول: الفصل الأول فيما ورد من الأخبار والسير المنقولة من أفواه أهل الحديث وكتبهم 210
32 الفصل الثاني في النظر في أن النبي صلى الله عليه وسلم هل يورث أم لا؟ 237
33 الفصل الثالث في أن فدك هل صح كونها نحلة رسول الله لفاطمة أم لا 268