شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٥ - الصفحة ٥٧
عليهم، فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله بلوائه وهو معقود لم يحل من أمس، فدفعه إلى علي عليه السلام، ويقال دفعه إلى أبى بكر، فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وهو مجروح، في وجهه أثر الحلقتين، ومشجوج في جبهته في أصول الشعر، ورباعيته قد شظيت، وشفته قد كلمت من باطنها، ومنكبه الأيمن موهن بضربة ابن قميئة، وركبتاه مجحوشتان، فدخل المسجد فصلى ركعتين، والناس قد حشدوا، ونزل أهل العوالي (1) حيث جاءهم الصريخ (2). ودعا بفرسه على باب المسجد، وتلقاه طلحة بن عبيد الله، وقد سمع المنادي، فخرج ينظر متى يسير رسول الله صلى الله عليه وآله! فإذا هو وعليه الدرع والمغفر لا يرى منه إلا عيناه، فقال: يا طلحة سلاحك، قال: قريبا، قال طلحة: فأخرج، وأعدو فألبس درعي وآخذ سيفي، وأطرح درقتي في صدري، وإن بي لتسع جراحات، ولأنا أهتم بجراح رسول الله صلى الله عليه وآله مني بجراحي، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله على طلحة، فقال: أين ترى القوم الان؟ قال: هم بالسيالة، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ذلك الذي ظننت، أما إنهم يا طلحة لن ينالوا منا مثل أمس حتى يفتح الله مكة علينا، قال: وبعث رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاثة نفر من أسلم طليعة في آثار القوم، فانقطع أحدهم، وانقطع قبال نعل الاخر، ولحق الثالث بقريش وهم بحمراء الأسد، ولهم زجل (3) يأتمرون (4) في الرجوع إلى المدينة، وصفوان بن أمية ينهاهم عن ذلك، ولحق الذي انقطع قبال نعله بصاحبه، فبصرت قريش بالرجلين، فعطفت عليهما، فأصابوهما، وانتهى المسلمون إلى مصرعهما بحمراء الأسد، فقبرهما رسول الله صلى الله عليه وآله في قبر واحد، فهما القرينان.

(1) العوالي: ضيعة بينها وبين المدينة أربعة أميال.
(2) الصريخ: المغيث.
(3) زجل، أي صوت وجلبة.
(4) يأتمرون: يتشاورون.
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 القول في أسماء الذين تعاقدوا من قريش على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم 3
2 القول في الملائكة نزلت بأحد وقاتلت أم لا 10
3 القول في مقتل حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه 11
4 القول فيمن ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد 19
5 القول فيما جرى للمسلمين بعد إصعادهم في الجبل 25
6 القول فيما جرى للمشركين بعد انصرافهم إلى مكة 44
7 القول في مقتل أبى عزة الجمحي ومعاذ بن المغيرة 45
8 القول في مقتل المجذر بن زياد البلوى الحارث بن يزيد بن الصامت 48
9 القول فيمن مات من المسلمين بأحد جملة 51
10 القول فيمن قتل من المشركين بأحد 52
11 القول في خروج النبي صلى الله عليه وسلم بعد انصرافه من أحد إلى المشركين ليوقع بهم على ما هو به من الوهن 55
12 الفصل الخامس في شرح غزاة مؤتة 61
13 فصل في ذكر بعض مناقب جعفر بن أبي طالب 72
14 10 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 79
15 11 - من وصية له عليه السلام وصى بها جيشا بعثه إلى العدو 89
16 12 - من وصية له عليه السلام وصى بها معقل بن قيس الرباحي حين أنفذه إلى الشام في ثلاثة آلاف 92
17 نبذ من الأقوال الحكمية في الحروب 95
18 13 - من كتاب له عليه السلام إلى أميرين من أمراء جيشه 98
19 فصل في نسب الأشتر وذكر بعض فضائله 98
20 نبذ من الأقوال الحكيمة 102
21 14 - من وصية له عليه السلام لعسكره بصفين قبل لقاء العدو 104
22 نبذ من الأقوال الحكيمة 105
23 قصة فيروز بن يزدجرد حين غزا ملك الهياطلة 107
24 15 - من كلام كان يقوله عليه السلام إذا لقى عدوا محاربا 112
25 16 - من كلام كان يقوله لأصحابه عند الحرب 114
26 نبذ من الأقوال المتشابهة في الحرب 115
27 17 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية جوابا عن كتاب منه إليه 117
28 ذكر بعض ما كان بين علي ومعاوية يوم صفين 120
29 18 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن عباس وهو عامله على البصرة 125
30 فصل في بني تميم وذكر بعض فضائلهم 126
31 19 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله 137
32 20 - من كتاب له عليه السلام إلى زياد بن أبيه 138
33 21 - من كتاب له عليه السلام إلى ابن عباس أيضا 140
34 23 - من كلامه له عليه السلام قاله قبل موته على سبيل الوصية لما ضربه عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله 143
35 24 - من وصية له عليه السلام بما يعمل في أحواله، كتبها بعد منصرفه من صفين 146
36 25 - من وصية له عليه السلام كان يكتبها لمن يستعمله على الصدقات 151
37 26 - من عهد له عليه السلام إلى بعض عماله وقد بعثه على الصدقة 158
38 27 - من عهد له عليه السلام إلى محمد بن أبي بكر حين قلده مصر 163
39 كتاب المعتضد بالله 171
40 28 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية جوابا، وهو من محاسن الكتب 181
41 كتاب لمعاوية إلى علي 184
42 مناكحات بني هاشم وبني عبد شمس 195
43 فضل بنى هاشم على بن شمس 198
44 مفاخر بنى أمية 257
45 ذكر الجواب عما فخرت به بنو أمية 270
46 افتخار بني هاشم 285