أولا ترى أن قوما قطعت أيديهم في سبيل الله ولكل فضل، حتى إذا فعل بواحدنا ما فعل بواحدهم، قيل: الطيار في الجنة وذو الجناحين!
ولولا ما نهى الله عنه من تزكيه المرء نفسه، لذكر ذاكر فضائل جمة، تعرفها قلوب المؤمنين، ولا تمجها آذان السامعين.
فدع عنك من مالت به الرمية، فإنا صنائع ربنا، والناس بعد صنائع لنا، لم يمنعنا قديم عزنا، ولا عادي طولنا على قومك أن خلطناكم بأنفسنا، فنكحنا وأنكحنا، فعل الأكفاء ولستم هناك. وإني يكون ذلك كذلك ومنا النبي ومنكم المكذب، ومنا أسد الله ومنكم أسد الاحلاف، ومنا سيدا شباب أهل الجنة، ومنكم صبية النار، ومنا خير نساء العالمين، ومنكم حمالة الحطب، في كثير مما لنا وعليكم!
فإسلامنا ما قد سمع، وجاهليتنا لا تدفع، وكتاب الله يجمع لنا ما شذ عنا، وهو قوله سبحانه وتعالى: ﴿وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله﴾ (١)، وقوله تعالى: ﴿إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين﴾ (2)، فنحن مرة أولى بالقرابة، وتارة أولى بالطاعة.
ولما احتج المهاجرون على الأنصار يوم السقيفة برسول الله صلى الله عليه وآله فلجوا عليهم، فان يكن الفلج به فالحق لنا دونكم، وإن يكن بغيره فالأنصار على دعواهم.
وزعمت أني لكل الخلفاء حسدت، وعلى كلهم بغيت، فإن يكن ذلك كذلك فليست الجناية عليك، فيكون العذر إليك.