﴿ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون﴾ (١)، ويستهوي أهل الجهالة، ويموه لأهل الغباوة بمكره وبغيه اللذين قدم رسول الله صلى الله عليه وآله الخبر عنهما، فقال لعمار بن ياسر: " تقتلك الفئة الباغية، تدعوهم إلى الجنة ويدعونك إلى النار "، مؤثرا للعاجلة، كافرا بالآجلة، خارجا من ربقة (٢) الاسلام، مستحلا للدم الحرام، حتى سفك في فتنته، وعلى سبيل غوايته وضلالته ما لا يحصى عدده من أخيار المسلمين، الذابين عن دين الله والناصرين لحقه، مجاهدا في عداوة الله، مجتهدا في أن يعصى الله فلا يطاع، وتبطل أحكامه فلا تقام، ويخالف دينه. فلا بد وأن تعلو كلمة الضلال وترتفع دعوة الباطل، وكلمة الله هي العليا، ودينه المنصور، وحكمه النافذ، وأمره الغالب وكيد من عاداه وحاده المغلوب الداحض، حتى احتمل أوزار تلك الحروب وما تبعها، وتطوق تلك الدماء وما سفك بعدها، وسن سنن الفساد التي عليه إثمها وإثم من عمل بها، وأباح المحارم لمن ارتكبها، ومنع الحقوق أهلها، وغرته الآمال، واستدرجه الامهال.
وكان مما أوجب الله عليه به اللعنة قتله من قتل صبرا من خيار الصحابة والتابعين، وأهل الفضل والدين، مثل عمرو بن الحمق الخزاعي وحجر بن عدي الكندي، فيمن قتل من أمثالهم، على أن تكون له العزة والملك والغلبة، ثم ادعاؤه زياد بن سمية أخا، ونسبته إياه إلى أبيه، والله تعالى يقول: ﴿ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله﴾ (4)، ورسول الله صلى الله عليه وآله يقول: " ملعون من ادعى إلى غير أبيه، أو انتمى إلى غير مواليه ". وقال: " الولد للفراش وللعاهر الحجر "، فخالف حكم الله تعالى ورسوله جهارا، وجعل الولد لغير الفراش والحجر لغير العاهر، فأحل بهذه الدعوة من محارم الله ورسوله في أم حبيبه أم المؤمنين وفي غيرها من النساء من شعور ووجوه قد