شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٥ - الصفحة ١٧٩
والديلم، ولا يخاف من الله نقمة، ولا يراقب منه سطوة، فبتر الله عمره، أخبث أصله وفرعه، وسلبه ما تحت يده، وأعد له من عذابه وعقوبته، ما استحقه من الله بمعصيته.
هذا إلى ما كان من بني مروان من تبديل كتاب الله، وتعطيل أحكام الله، واتخاذ مال الله بينهم دولا، وهدم بيت الله، واستحلالهم حرمه، ونصبهم المجانيق عليه، ورميهم بالنيران إياه، لا يألون له إحراقا وإخرابا، ولما حرم الله منه استباحة وانتهاكا، ولمن لجأ إليه قتلا وتنكيلا، ولمن أمنه الله به إخافة وتشريدا، حتى إذا حقت عليهم كلمه العذاب، واستحقوا من الله الانتقام، وملئوا الأرض بالجور والعدوان وعموا عباد بلاد الله بالظلم والاقتسار، وحلت عليهم السخطة، ونزلت بهم من الله السطوة، أتاح الله لهم من عترة نبيه وأهل وراثته، ومن استخلصه منهم لخلافته، مثل ما أتاح من أسلافهم المؤمنين، وآبائهم المجاهدين، لأوائلهم الكافرين، فسفك الله به دماءهم ودماء آبائهم مرتدين، كما سفك بآبائهم مشركين، وقطع الله دابر الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين.
أيها الناس، إن الله إنما أمر ليطاع، ومثل ليتمثل، وحكم ليفعل، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا﴾ (١)، وقال: ﴿أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون﴾ (2).
فالعنوا أيها الناس من لعنه الله ورسوله، وفارقوا من لا تنالون القربة من الله إلا بمفارقته: اللهم العن أبا سفيان بن حرب بن أمية، ومعاوية بن أبي سفيان، ويزيد بن معاوية، ومروان بن الحكم، وولده وولد ولده! اللهم العن أئمة الكفر، وقادة الضلال، وأعداء الدين، ومجاهدي الرسول، ومعطلي الاحكام، ومبدلي الكتاب، ومنتهكي الدم الحرام! اللهم إنا نبرأ إليك من موالاة أعدائك، ومن الاغماض لأهل معصيتك،

(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 القول في أسماء الذين تعاقدوا من قريش على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم 3
2 القول في الملائكة نزلت بأحد وقاتلت أم لا 10
3 القول في مقتل حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه 11
4 القول فيمن ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد 19
5 القول فيما جرى للمسلمين بعد إصعادهم في الجبل 25
6 القول فيما جرى للمشركين بعد انصرافهم إلى مكة 44
7 القول في مقتل أبى عزة الجمحي ومعاذ بن المغيرة 45
8 القول في مقتل المجذر بن زياد البلوى الحارث بن يزيد بن الصامت 48
9 القول فيمن مات من المسلمين بأحد جملة 51
10 القول فيمن قتل من المشركين بأحد 52
11 القول في خروج النبي صلى الله عليه وسلم بعد انصرافه من أحد إلى المشركين ليوقع بهم على ما هو به من الوهن 55
12 الفصل الخامس في شرح غزاة مؤتة 61
13 فصل في ذكر بعض مناقب جعفر بن أبي طالب 72
14 10 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 79
15 11 - من وصية له عليه السلام وصى بها جيشا بعثه إلى العدو 89
16 12 - من وصية له عليه السلام وصى بها معقل بن قيس الرباحي حين أنفذه إلى الشام في ثلاثة آلاف 92
17 نبذ من الأقوال الحكمية في الحروب 95
18 13 - من كتاب له عليه السلام إلى أميرين من أمراء جيشه 98
19 فصل في نسب الأشتر وذكر بعض فضائله 98
20 نبذ من الأقوال الحكيمة 102
21 14 - من وصية له عليه السلام لعسكره بصفين قبل لقاء العدو 104
22 نبذ من الأقوال الحكيمة 105
23 قصة فيروز بن يزدجرد حين غزا ملك الهياطلة 107
24 15 - من كلام كان يقوله عليه السلام إذا لقى عدوا محاربا 112
25 16 - من كلام كان يقوله لأصحابه عند الحرب 114
26 نبذ من الأقوال المتشابهة في الحرب 115
27 17 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية جوابا عن كتاب منه إليه 117
28 ذكر بعض ما كان بين علي ومعاوية يوم صفين 120
29 18 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن عباس وهو عامله على البصرة 125
30 فصل في بني تميم وذكر بعض فضائلهم 126
31 19 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله 137
32 20 - من كتاب له عليه السلام إلى زياد بن أبيه 138
33 21 - من كتاب له عليه السلام إلى ابن عباس أيضا 140
34 23 - من كلامه له عليه السلام قاله قبل موته على سبيل الوصية لما ضربه عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله 143
35 24 - من وصية له عليه السلام بما يعمل في أحواله، كتبها بعد منصرفه من صفين 146
36 25 - من وصية له عليه السلام كان يكتبها لمن يستعمله على الصدقات 151
37 26 - من عهد له عليه السلام إلى بعض عماله وقد بعثه على الصدقة 158
38 27 - من عهد له عليه السلام إلى محمد بن أبي بكر حين قلده مصر 163
39 كتاب المعتضد بالله 171
40 28 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية جوابا، وهو من محاسن الكتب 181
41 كتاب لمعاوية إلى علي 184
42 مناكحات بني هاشم وبني عبد شمس 195
43 فضل بنى هاشم على بن شمس 198
44 مفاخر بنى أمية 257
45 ذكر الجواب عما فخرت به بنو أمية 270
46 افتخار بني هاشم 285