(21) الأصل ومن كتاب له عليه السلام إلى زياد أيضا:
فدع الاسراف مقتصدا، واذكر في اليوم غدا، وأمسك من المال بقدر ضرورتك، وقدم الفضل ليوم حاجتك، أترجو أن يعطيك الله أجر المتواضعين، وأنت عنده من المتكبرين! وتطمع وأنت متمرغ في النعيم أن تمنعه الضعيف والأرملة، وأن يوجب لك ثواب المتصدقين، وإنما المرء مجزى بما أسلف، وقادم على ما قدم. والسلام.
* * * الشرح:
المتمرغ في النعيم: المتقلب فيه. ونهاه عن الاسراف وهو التبذير في الانفاق، وأمره أن يمسك من المال ما تدعو إليه الضرورة، وأن يقدم فضول أمواله وما ليس له إليه حاجة ضرورية في الصدقة فيدخره ليوم حاجته، وهو يوم البعث والنشور.
قلت: قبح الله زيادا! فإنه كافأ إنعام علي عليه السلام وإحسانه إليه واصطناعه له بما لا حاجه إلى شرحه من أعماله القبيحة بشيعته ومحبيه والاسراف في لعنه، وتهجين أفعاله، والمبالغة في ذلك بما قد كان معاوية يرضى باليسير منه، ولم يكن يفعل ذلك لطلب رضا معاوية، كلا، بل يفعله بطبعه، ويعاديه بباطنه وظاهره، وأبى الله إلا أن يرجع إلى أمه، ويصحح نسبه، وكل إناء ينضح بما فيه. ثم جاء ابنه بعد فختم تلك الأعمال السيئة بما ختم، وإلى الله ترجع الأمور!