شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٥ - الصفحة ١٢
بلغ المسيل، وطئ على جرف فزلت قدمه، فهززت حربتي حتى رضيت منها، فأضرب بها في خاصرته حتى خرجت من مثانته، وكر عليه طائفة من أصحابه فأسمعهم يقولون:
أبا عمارة، فلا يجيب، فقلت: قد والله مات الرجل، وذكرت هندا وما لقيت على أبيها وعمها وأخيها، وانكشف عنه أصحابه حين أيقنوا بموته، ولا يروني فأكر عليه فشققت بطنه، فاستخرجت كبده، فجئت بها إلى هند بنت عتبة، فقلت ماذا لي إن قتلت قاتل أبيك؟ قالت: سلني، فقلت: هذه كبد حمزة: فمضغتها ثم لفظتها، فلا أدري: لم تسغها أو قذرتها، فنزعت ثيابها وحليها فأعطتنيه، ثم قالت: إذا جئت مكة فلك عشرة دنانير، ثم قالت أرني مصرعه، فأريتها مصرعه، فقطعت مذاكيره وجدعت أنفه، وقطعت أذنيه، ثم جعلت ذلك مسكتين (1) ومعضدين وخدمتين، حتى قدمت بذلك مكة وقدمت بكبده أيضا معها.
قال الواقدي: وحدثني عبد الله بن جعفر، عن ابن أبي عون، عن الزهري، عن عبيد الله بن عدي بن الخيار، قال: غزونا الشام في زمن عثمان بن عفان، فمررنا بحمص (2) بعد العصر، فقلنا: وحشى، فقيل لا تقدرون عليه، هو الان يشرب الخمر حتى يصبح، فبتنا من أجله، وإننا لثمانون رجلا، فلما صلينا الصبح جئنا إلى منزله، فإذا شيخ كبير قد طرحت له زربية (3) قدر مجلسه، فقلنا له: أخبرنا عن قتل حمزة وعن قتل مسيلمة، فكره ذلك، وأعرض عنه، فقلنا: ما بتنا هذه الليلة إلا من أجلك. فقال:
إني كنت عبدا لجبير بن مطعم بن عدي، فلما خرج الناس إلى أحد دعاني فقال: قد رأيت مقتل طعيمة بن عدي، قتله حمزة بن عبد المطلب يوم بدر، فلم تزل نساؤنا في حزن

(1) المسكة، بالتحريك: الأسورة. والمعضد: الدملج، والخدمة، بالتحريك: الخلخال.
(2) حمص: مدينة معروفة في بلاد الشام.
(3) الزريبة: النمرقة، أو البساط الذي يتكأ عليه، واحده زربي، والجماعة زرابي.
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 القول في أسماء الذين تعاقدوا من قريش على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم 3
2 القول في الملائكة نزلت بأحد وقاتلت أم لا 10
3 القول في مقتل حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه 11
4 القول فيمن ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد 19
5 القول فيما جرى للمسلمين بعد إصعادهم في الجبل 25
6 القول فيما جرى للمشركين بعد انصرافهم إلى مكة 44
7 القول في مقتل أبى عزة الجمحي ومعاذ بن المغيرة 45
8 القول في مقتل المجذر بن زياد البلوى الحارث بن يزيد بن الصامت 48
9 القول فيمن مات من المسلمين بأحد جملة 51
10 القول فيمن قتل من المشركين بأحد 52
11 القول في خروج النبي صلى الله عليه وسلم بعد انصرافه من أحد إلى المشركين ليوقع بهم على ما هو به من الوهن 55
12 الفصل الخامس في شرح غزاة مؤتة 61
13 فصل في ذكر بعض مناقب جعفر بن أبي طالب 72
14 10 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 79
15 11 - من وصية له عليه السلام وصى بها جيشا بعثه إلى العدو 89
16 12 - من وصية له عليه السلام وصى بها معقل بن قيس الرباحي حين أنفذه إلى الشام في ثلاثة آلاف 92
17 نبذ من الأقوال الحكمية في الحروب 95
18 13 - من كتاب له عليه السلام إلى أميرين من أمراء جيشه 98
19 فصل في نسب الأشتر وذكر بعض فضائله 98
20 نبذ من الأقوال الحكيمة 102
21 14 - من وصية له عليه السلام لعسكره بصفين قبل لقاء العدو 104
22 نبذ من الأقوال الحكيمة 105
23 قصة فيروز بن يزدجرد حين غزا ملك الهياطلة 107
24 15 - من كلام كان يقوله عليه السلام إذا لقى عدوا محاربا 112
25 16 - من كلام كان يقوله لأصحابه عند الحرب 114
26 نبذ من الأقوال المتشابهة في الحرب 115
27 17 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية جوابا عن كتاب منه إليه 117
28 ذكر بعض ما كان بين علي ومعاوية يوم صفين 120
29 18 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن عباس وهو عامله على البصرة 125
30 فصل في بني تميم وذكر بعض فضائلهم 126
31 19 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله 137
32 20 - من كتاب له عليه السلام إلى زياد بن أبيه 138
33 21 - من كتاب له عليه السلام إلى ابن عباس أيضا 140
34 23 - من كلامه له عليه السلام قاله قبل موته على سبيل الوصية لما ضربه عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله 143
35 24 - من وصية له عليه السلام بما يعمل في أحواله، كتبها بعد منصرفه من صفين 146
36 25 - من وصية له عليه السلام كان يكتبها لمن يستعمله على الصدقات 151
37 26 - من عهد له عليه السلام إلى بعض عماله وقد بعثه على الصدقة 158
38 27 - من عهد له عليه السلام إلى محمد بن أبي بكر حين قلده مصر 163
39 كتاب المعتضد بالله 171
40 28 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية جوابا، وهو من محاسن الكتب 181
41 كتاب لمعاوية إلى علي 184
42 مناكحات بني هاشم وبني عبد شمس 195
43 فضل بنى هاشم على بن شمس 198
44 مفاخر بنى أمية 257
45 ذكر الجواب عما فخرت به بنو أمية 270
46 افتخار بني هاشم 285