عنه. ثم قام إليه وحربته في يده، فرماه بها بين سابغة البيضة والدرع (١)، فطعنه هناك فوقع عن فرسه، فانكسر ضلع من أضلاعه، واحتمله قوم من المشركين ثقيلا (٢) حتى ولوا قافلين، فمات في الطريق، وقال: وفيه أنزلت: ﴿وما من رميت إذ رميت ولكن الله رمى﴾ (3)، قال: يعني قذفه إياه بالحربة.
قال الواقدي: وحدثني يونس بن محمد الظفري، عن عاصم بن عمر، عن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه، قال: كان أبي بن خلف قدم في فداء ابنه، وكان أسر يوم بدر، فقال: يا محمد، إن عندي فرسا لي أعلفها فرقا (4) من ذرة كل يوم لأقتلك عليها. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: بل أنا أقتلك عليها إن شاء الله تعالى.
ويقال: إن أبيا إنما قال ذلك بمكة، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وآله بالمدينة كلمته فقال: بل أنا أقتله عليها إن شاء الله. قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وآله في القتال لا يلتفت وراءه، فكان يوم أحد يقول لأصحابه: إني أخشى أن يأتي أبي بن خلف من خلفي، فإذا رأيتموه فآذنوني وإذا بأبي يركض على فرسه، وقد رأى رسول الله صلى الله عليه وآله فعرفه، فجعل يصيح بأعلى صوته: يا محمد لا نجوت إن نجوت! فقال القوم: يا رسول الله ما كنت صانعا حين يغشاك أبي؟ فاصنع، فقد جاءك، وإن شئت عطف عليه بعضنا، فأبى رسول الله صلى الله عليه وآله، ودنا أبي، فتناول رسول الله صلى الله عليه وآله الحربة من الحارث بن الصمة، ثم انتفض كما ينتفض البعير. قال: فتطايرنا