شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٤ - الصفحة ٢٦١
وكان مقلا ولا ولد له ولا زوجة، وكان شجاعا يعرف بذلك في حروبهم التي كانت تكون بينهم، فشهد أحدا، وقاتل قتالا شديدا، فقتل ستة أو سبعة، فأصابته الجراح فقيل للنبي صلى الله عليه وسلم أن قزمان قد أصابته الجراح، فهو شهيد، فقال: بل من أهل النار، فجاؤوا إلى قزمان، فقالوا هنيئا لك أبا الغيداق الشهادة فقال: بم تبشرونني والله ما قاتلنا إلا على الأحساب، قالوا: بشرناك بالجنة، قال: حبة والله من حرمل، إنا والله ما قاتلنا على جنة ولا على نار، إنما قاتلنا على أحسابنا، ثم أخرج سهما من كنانته، فجعل يتوجأ به نفسه، فلما أبطأ عليه المشقص، أخذ السيف، فاتكأ عليه، حتى خرج من ظهره، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وآله فقال: (هو من أهل النار).
قال الواقدي: وكان عمرو بن الجموح رجلا أعرج، فلما كان يوم أحد، وكان له بنون أربعة يشهدون مع النبي صلى الله عليه وسلم المشاهد أمثال الأسد، أراد قومه أن يحبسوه، وقالوا أنت رجل أعرج، ولا حرج عليك، وقد ذهب بنوك مع النبي صلى الله عليه وسلم قال: بخ! يذهبون إلى الجنة وأجلس أنا عندكم فقالت هند بنت عمرو بن حزام امرأته:
كأني أنظر إليه موليا قد أخذ درقته، وهو يقول اللهم لا تردني إلى أهلي، فخرج ولحقه بعض قومه يكلمونه في القعود، فأبى وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن قومي يريدون أن يحبسوني عن هذا الوجه والخروج معك، والله إني لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه في الجنة، فقال له أما أنت فقد عذرك الله ولا جهاد عليك، فأبى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لقومه وبنيه: لا عليكم أن تمنعوه، لعل الله يرزقه الشهادة، فخلوا عنه. فقتل يومئذ شهيدا. وكان أبو طلحة يحدث، يقول نظرت إلى عمرو بن الجموح حين انكشف المسلمون، ثم ثابوا وهو في الرعيل الأول، لكأني أنظر إلى ضلعه وهو يعرج في مشيته، وهو يقول أنا والله مشتاق إلى الجنة، ثم انظر إلى ابنه يعدو في أثره، حتى قتلا جميعا.
(٢٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 1 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل الكوفة عند مسيره من المدينة إلى البصرة 6
2 أخبار على عند مسيره إلى البصرة ورسله إلى الكوفة 8
3 فصل في نسب عائشة وأخبارها 21
4 2 - ومن كتاب له عليه السلام بعد فتح البصرة 26
5 3 - من كتاب له عليه السلام لشريح بن الحارث قاضيه 27
6 نسب شريح وذكر بعض أخباره 28
7 4 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض أمراء جيشه 32
8 5 - من كتاب له عليه السلام إلى الأشعث بن قيس وهو عامل أذربيجان 33
9 6 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 35
10 جرير بن عبد الله البجلي عند معاوية 38
11 7 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 41
12 8 - من كتاب له عليه السلام إلى جرير بن عبد الله البجلي لما أرسله إلى معاوية 45
13 9 - ومن كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 47
14 إجلاب قريش على بني هاشم وحصرهم في الشعب 52
15 القول في المؤمنين والكافرين من بني هاشم 64
16 اختلاف الرأي في إيمان أبي طالب 65
17 قصة غزوة بدر 84
18 القول في نزول الملائكة يوم بدر ومحاربتها المشركين 157
19 القول فيما جرى في الغنيمة والأسارى بعد هزيمة قريش ورجوعها إلى مكة 165
20 القول في تفصيل أسماء أسارى بدر ومن أسرهم 199
21 القول في المطعمين في بدر من المشركين 205
22 القول فيمن قتل ببدر من المشركين وأسماء قاتليهم 208
23 القول فيمن شهد بدرا من المسلمين 212
24 قصة غزوة أحد 213