شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٤ - الصفحة ٢٦٢
قال الواقدي: وكانت عائشة خرجت في نسوة تستروح الخبر، ولم يكن قد ضرب الحجاب يومئذ، حتى كانت بمنقطع الحرة وهي هابطة من بنى حارثة إلى الوادي، لقيت هندا بنت عمرو بن حزام، أخت عبد الله بن عمرو بن حزام، تسوق بعيرا لها، عليه زوجها عمرو بن الجموح، وابنها خلاد بن عمرو بن الجموح، وأخوها عبد الله بن عمرو بن حزام (1) أبو جابر بن عبد الله، فقالت لها عائشة: عندك الخبر، فما وراءك فقالت هند: خير، أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فصالح، وكل مصيبة بعده جلل، واتخذ الله من المؤمنين شهداء: (ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا).
قلت هكذا وردت الرواية، وعندي إنها لم تقل كل ذلك، ولعلها قالت: (ورد الله الذين كفروا بغيظهم)، لا غير، وإلا فكيف يواطئ كلامها آية من كلام الله تعالى أنزلت بعد الخندق والخندق بعد أحد هذا من البعيد جدا.
قال: فقالت لها عائشة: فمن هؤلاء قالت أخي وابني وزوجي قتلى، قالت فأين تذهبين بهم قالت إلى المدينة أقبرهم بها، (حل حل)، تزجر بعيرها، فبرك البعير، فقالت عائشة: لثقل ما حمل، قالت هند: ما ذاك به، لربما حمل ما يحمله البعيران، ولكني أراه لغير ذلك، فزجرته فقام، فلما وجهت به إلى المدينة برك، فوجهته راجعة إلى أحد، فأسرع، فرجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته بذلك، فقال إن الجمل لمأمور، هل قال عمرو شيئا قالت: نعم، إنه لما وجه إلى أحد استقبل القبلة، ثم قال: اللهم لا تردني إلى أهلي، وارزقني الشهادة، فقال صلى الله عليه وسلم: فلذلك الجمل لا يمضى، إن منكم يا معشر الأنصار من لو أقسم على الله لأبره، منهم عمرو بن الجموح، يا هند ما زالت الملائكة مظلة على أخيك من لدن قتل إلى الساعة، ينظرون أين يدفن ثم مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبرهم، ثم قال: يا هند، قد ترافقوا في الجنة

(1) الواقدي: (حرام).
(٢٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 1 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل الكوفة عند مسيره من المدينة إلى البصرة 6
2 أخبار على عند مسيره إلى البصرة ورسله إلى الكوفة 8
3 فصل في نسب عائشة وأخبارها 21
4 2 - ومن كتاب له عليه السلام بعد فتح البصرة 26
5 3 - من كتاب له عليه السلام لشريح بن الحارث قاضيه 27
6 نسب شريح وذكر بعض أخباره 28
7 4 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض أمراء جيشه 32
8 5 - من كتاب له عليه السلام إلى الأشعث بن قيس وهو عامل أذربيجان 33
9 6 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 35
10 جرير بن عبد الله البجلي عند معاوية 38
11 7 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 41
12 8 - من كتاب له عليه السلام إلى جرير بن عبد الله البجلي لما أرسله إلى معاوية 45
13 9 - ومن كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 47
14 إجلاب قريش على بني هاشم وحصرهم في الشعب 52
15 القول في المؤمنين والكافرين من بني هاشم 64
16 اختلاف الرأي في إيمان أبي طالب 65
17 قصة غزوة بدر 84
18 القول في نزول الملائكة يوم بدر ومحاربتها المشركين 157
19 القول فيما جرى في الغنيمة والأسارى بعد هزيمة قريش ورجوعها إلى مكة 165
20 القول في تفصيل أسماء أسارى بدر ومن أسرهم 199
21 القول في المطعمين في بدر من المشركين 205
22 القول فيمن قتل ببدر من المشركين وأسماء قاتليهم 208
23 القول فيمن شهد بدرا من المسلمين 212
24 قصة غزوة أحد 213