مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما تفرق الناس عنه، دنوت منه، وأمي تذب عنه، فقال: يا بن عمارة، قلت نعم، قال: إرم، فرميت بين يديه رجلا من المشركين بحجر، وهو على فرس، فأصيبت عين الفرس، فاضطرب الفرس حتى وقع هو وصاحبه، وجعلت أعوله بالحجارة، حتى نضدت عليه منها وقرا، والنبي صلى الله عليه وسلم ينظر إلى ويتبسم، فنظر إلى جرح بأمي على عاتقها، فقال أمك أمك أعصب جرحها، بارك الله عليكم من أهل بيت لمقام أمك خير من مقام فلان وفلان. ومقام ربيبك - يعنى زوج أمه - خير من مقام فلان، رحمكم الله من أهل بيت فقالت: أمي ادع لنا الله يا رسول الله أن نرافقك في الجنة، فقال: (اللهم اجعلهم رفقائي في الجنة)، قالت: فما أبالي ما أصابني من الدنيا.
قال الواقدي: وكان حنظلة بن أبي عامر تزوج جميلة بنت عبد الله بن أبي بن سلول، فأدخلت عليه في الليلة التي في صبيحتها قتال أحد، وكان قد استأذن رسول الله صلى الله عليه وآله أن يبيت عندها، فأذن له، فلما صلى الصبح غدا يريد النبي صلى الله عليه وسلم، فلزمته جميلة، فعاد فكان معها، فأجنب منها، ثم أراد الخروج، وقد أرسلت قبل ذلك إلى أربعة من قومها، فأشهدتهم أنه قد دخل بها، فقيل لها بعد لم أشهدت عليه قالت: رأيت كأن السماء فرجت، فدخل فيها ثم أطبقت. فقلت: هذه الشهادة، فأشهدت عليه أنه قد دخل بي، فعلقت منه بعبد الله بن حنظلة. ثم تزوجها ثابت بن قيس بعد، فولدت له محمد بن ثابت بن قيس. وأخذ حنظلة بن أبي عامر سلاحه، فلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم بأحد، وهو يسوى الصفوف، فلما انكشف المشركون، اعترض حنظلة لأبي سفيان بن حرب، فضرب عرقوب فرسه، فاكتسعت الفرس، ويقع أبو سفيان إلى الأرض، فجعل يصيح: يا معشر قريش، أنا أبو سفيان بن حرب! وحنظلة يريد ذبحه بالسيف، فأسمع الصوت رجالا لا يلتفتون إليه من الهزيمة، حتى عاينه الأسود بن شعوب، فحمل على حنظلة بالرمح،