الأرض من الكافرين ديارا) (١) فدعا عليهم دعوة أغرق الله بها الأرض جميعا، ومثل موسى إذ يقول ﴿ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم﴾ (2) وإن بكم عيلة، فلا يفوتنكم رجل من هؤلاء إلا بفداء أو ضربة عنق. فقال عبد الله بن مسعود يا رسول الله، الا سهيل بن بيضاء.
قال الواقدي: هكذا روى ابن أبي حبيبة، وهذا وهم، سهيل بن بيضاء مسلم من مهاجرة الحبشة، وشهد بدرا، وإنما هو أخ له. ويقال له سهيل قال، قال عبد الله بن مسعود: فإني رأيته يظهر الاسلام بمكة - قال: فسكت النبي صلى الله عليه وآله، قال عبد الله: فما مرت على ساعة قط كانت أشد على من تلك الساعة، جعلت أنظر إلى السماء أتخوف أن تسقط على الحجارة لتقدمي بين يدي الله ورسوله بالكلام، فرفع رسول الله صلى الله عليه وآله رأسه، فقال: (إلا سهيل بن بيضاء) قال: فما مرت على ساعة أقر لعيني منها، إذ قالها رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال: (إن الله عز وجل ليشدد القلب حتى يكون أشد من الحجارة، وإنه ليلين القلب حتى يكون ألين من الزبد)، فقبل الفداء ثم قال بعد: (لو نزل عذاب يوم بدر لما نجا منه إلا عمر) كان يقول اقتل ولا تأخذ الفداء وكان سعد بن معاذ يقول: اقتل ولا تأخذ الفداء.
قلت عندي في هذا كلام، أما في أصل الحديث فلان فيه أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال، ومثله كعيسى إذ قال: (إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم)، وهذه الآية من المائدة والمائدة أنزلت في آخر عمره، ولم ينزل بعدها إلا سورة براءة، وبدر كانت في السنة الثانية من الهجرة، فكيف هذا اللهم إلا أن يكون قوله تعالى: (وإذ قال الله يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي الهين...) الآيات، قد كانت أنزلت إما بمكة أو بالمدينة قبل بدر،