شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٤ - الصفحة ١٦٤
حتى بلغ بها إلى السماء، ثم قلبها فجعل عاليها سافلها، فما عسى أن يبلغ قوة ألف رجل من قريش ليحتاج في مقاومتها وحربها إلى ألف ملك من ملائكة السماء مضافين إلى ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا من بني آدم وجعل هؤلاء قوله تعالى: ﴿فاضربوا فوق الأعناق...﴾ (١) أمرا للمسلمين لا أمرا للملائكة.
ورووا في نصرة قولهم روايات، قالوا وإنما كان نزول الملائكة ليكثروا سواد المسلمين في أعين المشركين، فإنهم كانوا يرونهم في مبدأ الحال قليلين في أعينهم، كما قال تعالى: ﴿ويقللكم﴾ (2) ليطمع المشركون فيهم ويجترءوا على حربهم، فلما نشبت الحرب كثرهم الله تعالى بالملائكة في أعين المشركين ليفروا ولا يثبتوا. وأيضا فإن الملائكة نزلت وتصورت بصور البشر الذين يعرفهم المسلمون، وقالوا لهم ما جرت العادة أن يقال مثله من تثبيت القلوب يوم الحرب، نحو قولهم ليس المشركون بشئ، لا قوة عندهم، لا قلوب لهم، لو حملتم عليهم لهزمتموهم... وأمثال ذلك.
ولقائل أن يقول إذا كان قادرا على أن يقلل ثلاثمائة إنسان في أعين قريش حتى يظنوهم مائة، فهو قادر على أن يكثرهم في أعين قريش بعد التقاء حلقتي البطان، فيظنوهم الفين وأكثر من غير حاجة إلى إنزال الملائكة.
فان قلت لعل في إنزالهم لطفا للمكلفين قلت ولعل في محاربتهم لطفا للمكلفين، وأما أصحاب المعاني فإنهم لم يحملوا الكلام على ظاهره، ولهم في تأويله قول ليس هذا موضع ذكره:

(١٦٤)
مفاتيح البحث: الحرب (1)، سورة الأنفال (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 1 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل الكوفة عند مسيره من المدينة إلى البصرة 6
2 أخبار على عند مسيره إلى البصرة ورسله إلى الكوفة 8
3 فصل في نسب عائشة وأخبارها 21
4 2 - ومن كتاب له عليه السلام بعد فتح البصرة 26
5 3 - من كتاب له عليه السلام لشريح بن الحارث قاضيه 27
6 نسب شريح وذكر بعض أخباره 28
7 4 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض أمراء جيشه 32
8 5 - من كتاب له عليه السلام إلى الأشعث بن قيس وهو عامل أذربيجان 33
9 6 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 35
10 جرير بن عبد الله البجلي عند معاوية 38
11 7 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 41
12 8 - من كتاب له عليه السلام إلى جرير بن عبد الله البجلي لما أرسله إلى معاوية 45
13 9 - ومن كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 47
14 إجلاب قريش على بني هاشم وحصرهم في الشعب 52
15 القول في المؤمنين والكافرين من بني هاشم 64
16 اختلاف الرأي في إيمان أبي طالب 65
17 قصة غزوة بدر 84
18 القول في نزول الملائكة يوم بدر ومحاربتها المشركين 157
19 القول فيما جرى في الغنيمة والأسارى بعد هزيمة قريش ورجوعها إلى مكة 165
20 القول في تفصيل أسماء أسارى بدر ومن أسرهم 199
21 القول في المطعمين في بدر من المشركين 205
22 القول فيمن قتل ببدر من المشركين وأسماء قاتليهم 208
23 القول فيمن شهد بدرا من المسلمين 212
24 قصة غزوة أحد 213