فلما جمع عثمان القرآن ضمها إلى سورة المائدة، فلعله قد كان ذلك فينبغي أن ننظر في هذا، فهو مشكل.
وأما حديث سهيل بن بيضاء فإنه يوهم مذهب موسى بن عمران في أن النبي صلى الله عليه وآله كان يحكم في الوقائع بما يشاء، لأنه قيل له أحكم بما تشاء، فإنك لا تحكم إلا بالحق، وهو مذهب متروك إلا إنه يمكن أن يقال: لعله لما سكت صلى الله عليه وآله عندما قال ابن مسعود ذلك القول، نزل عليه في تلك السكتة الوحي وقيل له إلا سهيل بن بيضاء، فقال حينئذ (إلا سهيل بن بيضاء)، كما أوحى إليه.
وأما الحديث الذي فيه (لو نزل عذاب لما نجا منه إلا عمر)، فالواقدي وغيره من المحدثين اتفقوا على أن سعد بن معاذ كان يقول مثل ما قاله عمر، بل هو المبتدئ بذلك الرأي، ورسول الله صلى الله عليه وآله بعد في العريش، والمشركون لم ينفض جمعهم كل ذلك الانفضاض، فكيف خص عمر بالنجاة وحده دون سعد ويمكن أن يقال إنه كان شديد التأليب والتحريض عليهم، وكثير الالحاح على رسول الله صلى الله عليه وآله في أمرهم، فنسب ذلك الرأي إليه لاشتهاره به، وإن شركه فيه غيره.
قال الواقدي: وحدثني معمر عن الزهري، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله يوم بدر: (لو كان مطعم بن عدي حيا لوهبت له هؤلاء النتنى) (1). قال: وكانت لمطعم بن عدي عند النبي صلى الله عليه وآله يد أجاره حين رجع من الطائف.