وقاتلوك وأخرجوك، اضرب رقابهم، فهم رؤوس الكفر وأئمة الضلالة، يوطئ الله بهم الاسلام، ويذل بهم الشرك فسكت رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يجبه، وعاد أبو بكر إلى مقعده الأول، فقال بأبي أنت وأمي قومك فيهم الاباء والأبناء والعمومة والاخوان وبنو العم، وأبعدهم منك قريب فامنن عليهم أو فادهم هم عشيرتك وقومك لا تكن أول من يستأصلهم، وإن يهديهم الله خير من أن يهلكهم فسكت صلى الله عليه وآله عنه فلم يرد عليه شيئا، وقام ناحية فقام عمر فجلس مجلسه، فقال يا رسول الله، ما تنتظر بهم اضرب أعناقهم، يوطئ الله بهم الاسلام، ويذل أهل الشرك، هم أعداء الله، كذبوك وأخرجوك يا رسول الله، اشف صدور المؤمنين، لو قدروا منا على مثل هذا ما أقالونا أبدا فسكت رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يجبه، فقام ناحية، فجلس وعاد أبو بكر، فكلمه مثل كلامه الأول فلم يجبه، ثم تنحى، فجاء عمر فكلمه بمثل كلامه الأول فلم يجبه، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وآله، فدخل قبته، فمكث فيها ساعة، ثم خرج، والناس يخوضون في شأنهم، يقول بعضهم: القول ما قال أبو بكر، وآخرون يقولون: القول ما قال عمر فلما خرج قال للناس: ما تقولون في صاحبيكم هذين دعوهما فان لهما مثلا، مثل أبى بكر في الملائكة كميكائيل ينزل برضا الله وعفوه على عباده، ومثله في الأنبياء كمثل إبراهيم كان ألين على قومه من العسل، أوقد له قومه النار فطرحوه فيها، فما زاد على أن قال: ﴿أف لكم ولما تعبدون من دون الله أ فلا تعقلون﴾ (١) وقال: (فمن تبعني فإنه منى ومن عصاني فإنك غفور رحيم) (٢) وكعيسى إذ يقول:
﴿إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم﴾ (3). ومثل عمر في الملائكة كمثل جبريل ينزل بالسخط من الله والنقمة على أعداء الله، ومثله في الأنبياء كمثل نوح، كان أشد على قومه من الحجارة، إذ يقول: (رب لا تذر على