شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٤ - الصفحة ١٧٤
وقاتلوك وأخرجوك، اضرب رقابهم، فهم رؤوس الكفر وأئمة الضلالة، يوطئ الله بهم الاسلام، ويذل بهم الشرك فسكت رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يجبه، وعاد أبو بكر إلى مقعده الأول، فقال بأبي أنت وأمي قومك فيهم الاباء والأبناء والعمومة والاخوان وبنو العم، وأبعدهم منك قريب فامنن عليهم أو فادهم هم عشيرتك وقومك لا تكن أول من يستأصلهم، وإن يهديهم الله خير من أن يهلكهم فسكت صلى الله عليه وآله عنه فلم يرد عليه شيئا، وقام ناحية فقام عمر فجلس مجلسه، فقال يا رسول الله، ما تنتظر بهم اضرب أعناقهم، يوطئ الله بهم الاسلام، ويذل أهل الشرك، هم أعداء الله، كذبوك وأخرجوك يا رسول الله، اشف صدور المؤمنين، لو قدروا منا على مثل هذا ما أقالونا أبدا فسكت رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يجبه، فقام ناحية، فجلس وعاد أبو بكر، فكلمه مثل كلامه الأول فلم يجبه، ثم تنحى، فجاء عمر فكلمه بمثل كلامه الأول فلم يجبه، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وآله، فدخل قبته، فمكث فيها ساعة، ثم خرج، والناس يخوضون في شأنهم، يقول بعضهم: القول ما قال أبو بكر، وآخرون يقولون: القول ما قال عمر فلما خرج قال للناس: ما تقولون في صاحبيكم هذين دعوهما فان لهما مثلا، مثل أبى بكر في الملائكة كميكائيل ينزل برضا الله وعفوه على عباده، ومثله في الأنبياء كمثل إبراهيم كان ألين على قومه من العسل، أوقد له قومه النار فطرحوه فيها، فما زاد على أن قال: ﴿أف لكم ولما تعبدون من دون الله أ فلا تعقلون﴾ (١) وقال: (فمن تبعني فإنه منى ومن عصاني فإنك غفور رحيم) (٢) وكعيسى إذ يقول:
﴿إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم﴾ (3). ومثل عمر في الملائكة كمثل جبريل ينزل بالسخط من الله والنقمة على أعداء الله، ومثله في الأنبياء كمثل نوح، كان أشد على قومه من الحجارة، إذ يقول: (رب لا تذر على

(١) سورة الأنبياء ٦٧.
(٢) سورة إبراهيم ١٤.
(٣) سورة المائدة ١١٨.
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 1 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل الكوفة عند مسيره من المدينة إلى البصرة 6
2 أخبار على عند مسيره إلى البصرة ورسله إلى الكوفة 8
3 فصل في نسب عائشة وأخبارها 21
4 2 - ومن كتاب له عليه السلام بعد فتح البصرة 26
5 3 - من كتاب له عليه السلام لشريح بن الحارث قاضيه 27
6 نسب شريح وذكر بعض أخباره 28
7 4 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض أمراء جيشه 32
8 5 - من كتاب له عليه السلام إلى الأشعث بن قيس وهو عامل أذربيجان 33
9 6 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 35
10 جرير بن عبد الله البجلي عند معاوية 38
11 7 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 41
12 8 - من كتاب له عليه السلام إلى جرير بن عبد الله البجلي لما أرسله إلى معاوية 45
13 9 - ومن كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 47
14 إجلاب قريش على بني هاشم وحصرهم في الشعب 52
15 القول في المؤمنين والكافرين من بني هاشم 64
16 اختلاف الرأي في إيمان أبي طالب 65
17 قصة غزوة بدر 84
18 القول في نزول الملائكة يوم بدر ومحاربتها المشركين 157
19 القول فيما جرى في الغنيمة والأسارى بعد هزيمة قريش ورجوعها إلى مكة 165
20 القول في تفصيل أسماء أسارى بدر ومن أسرهم 199
21 القول في المطعمين في بدر من المشركين 205
22 القول فيمن قتل ببدر من المشركين وأسماء قاتليهم 208
23 القول فيمن شهد بدرا من المسلمين 212
24 قصة غزوة أحد 213