منكم قابلا عدتهم. قالوا بل نأخذ الفدية ونستعين بها، ويستشهد منا من يدخل الجنة، فقبل منهم الفداء، وقتل من المسلمين قابلا عدتهم بأحد.
قلت لو كان هذا الحديث صحيحا لما عوتبوا، فقيل لهم ﴿ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة﴾ (١)، ثم قال: ﴿لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم﴾ (2)، لأنه إذا كان خيرهم، فقد أباحهم اخذ الفداء، وأخبرهم إنه حسن، فلا يجوز فيما بعد أن ينكره عليهم، ويقول إنه قبيح.
قال الواقدي: لما حبس الأسرى وجعل عليهم شقران مولى رسول الله صلى الله عليه وآله طمعوا في الحياة، فقالوا لو بعثنا إلى أبى بكر فإنه أوصل قريش لأرحامنا فبعثوا إلى أبى بكر، فأتاهم فقالوا يا أبا بكر، إن فينا الاباء والأبناء والاخوان، والعمومة وبنى العم، وأبعدنا قريب، كلم صاحبك فليمن علينا ويفادنا، فقال نعم إن شاء الله، لا آلوكم خيرا ثم انصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وآله قالوا وابعثوا إلى عمر بن الخطاب، فإنه من قد علمتم ولا يؤمن أن يفسد عليكم لعله يكف عنكم فأرسلوا إليه، فجاءهم فقالوا له مثل ما قالوا لأبي بكر، فقال لا آلوكم شرا، ثم انصرف إلى النبي صلى الله عليه وآله، فوجد أبا بكر عنده، والناس حوله، وأبو بكر يلينه ويغشاه، ويقول يا رسول الله، بأبي أنت وأمي قومك فيهم الاباء والأبناء والعمومة والاخوان وبنو العم، وأبعدهم عنك قريب فامنن عليهم، من الله عليك، أو فادهم قوة للمسلمين، فلعل الله يقبل بقلوبهم إليك ثم قام فتنحى ناحية، وسكت رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يجبه، فجاء عمر فجلس مجلس أبى بكر، فقال يا رسول الله، هم أعداء الله، كذبوك