قال الواقدي: وحدثني محمد بن عبد الله، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، قال:
امن رسول الله صلى الله عليه وآله من الأسرى يوم بدر أبا عزة عمرو بن عبد الله بن عمير الجمحي - وكان شاعرا - فأعتقه رسول الله صلى الله عليه وآله، وقال له: إن لي خمس بنات، ليس لهن شئ، فتصدق بي عليهم يا محمد، ففعل رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك وقال أبو عزة: أعطيك موثقا إلا أقاتلك، ولا أكثر عليك أبدا فأرسله رسول الله صلى الله عليه وآله، فلما خرجت قريش إلى أحد، جاء صفوان بن أمية، فقال اخرج معنا قال: إني قد أعطيت محمدا موثقا ألا أقاتله، ولا أكثر عليه أبدا. وقد من على ولم يمن على غيري حتى قتله أو أخذ منه الفداء. فضمن له صفوان أن يجعل بناته مع بناته إن قتل، وإن عاش أعطاه مالا كثيرا لا يأكله عياله. فخرج أبو عزة يدعو العرب ويحشرها، ثم خرج مع قريش يوم أحد، فأسر ولم يؤسر غيره من قريش، فقال يا محمد إنما خرجت كرها ولى بنات، فامنن على فقال رسول الله (أين ما أعطيتني من العهد والميثاق لا والله لا تمسح عارضيك بمكة تقول سخرت بمحمد مرتين) (1). فقتله.
قال: وروى سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال يومئذ: (إن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، يا عاصم بن ثابت، قدمه فاضرب عنقه)، فقدمه عاصم فضرب عنقه.
قال الواقدي: وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله يوم بدر بالقلب (2) أن تغور ثم أمر بالقتلى، فطرحوا فيها كلهم إلا أمية بن خلف فإنه كان مسمنا (3) انتفخ من يومه. فلما أرادوا أن يلقوه تزايل لحمه، فقال النبي صلى الله عليه وآله أتركوه (4).