قال الواقدي: وقد قالوا إنه لما التحم القتال، ورسول الله صلى الله عليه وآله رافع يديه يسأل الله النصر وما وعده، ويقول اللهم إن ظهرت على هذه العصابة، ظهر الشرك، ولا يقوم لك دين، وأبو بكر يقول والله لينصرنك الله وليبيضن وجهك، فأنزل الله تعالى ألفا من الملائكة مردفين عند أكتاف العدو، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (يا أبا بكر، أبشر هذا جبرائيل، معتجر بعمامة صفراء، آخذ بعنان فرسه بين السماء والأرض)، ثم قال: إنه لما نزل الأرض تغيب عنى ساعة، ثم طلع على ثناياه النقع، يقول أتاك النصر من الله إذ دعوته (1).
قال الواقدي: وحدثني موسى بن يعقوب، عن عمه، قال: سمعت أبا بكر بن سليمان بن أبي خيثمة، يقول سمعت مروان بن الحكم يسأل حكيم بن حزام عن يوم بدر، فجعل الشيخ يكره ذلك، حتى ألح عليه، فقال حكيم التقينا فاقتتلنا، فسمعت صوتا وقع من السماء إلى الأرض مثل وقع الحصاة في الطست، وقبض النبي صلى الله عليه وآله القبضة، فرمى بها فانهزمنا.
قال الواقدي: وقد روى عبد الله بن ثعلبه بن صغير، قال: سمعت نوفل بن معاوية الدؤلي، يقول انهزمنا يوم بدر، ونحن نسمع كوقع الحصا في الطساس بين أيدينا ومن خلفنا، فكان ذلك أشد الرعب علينا.
فأما الذين قالوا نزلت الملائكة ولم تقاتل، فذكر الزمخشري في كتابه في تفسير القرآن المعروف بالكشاف إن قوما أنكروا قتال الملائكة يوم بدر، وقالوا لو قاتل واحد من الملائكة جميع البشر لم يثبتوا له ولاستأصلهم بأجمعهم ببعض قوته، فإن جبرائيل عليه السلام رفع مدائن قوم لوط - كما جاء في الخبر - على خافقة من جناحه،