دور بنى أمية بن زيد، وقدم زيد بن حارثة على ناقة النبي صلى الله عليه وآله القصواء ، يبشر أهل المدينة، فلما جاء المصلى صاح على راحلته قتل عتبة وشيبة ابنا ربيعة، وابنا الحجاج وأبو جهل، وأبو البختري وزمعة بن الأسود وأمية بن خلف، وأسر سهيل بن عمرو ذو الأنياب في أسرى كثيرة، فجعل الناس لا يصدقون زيد بن حارثة، ويقولون ما جاء زيد إلا فلا، حتى غاظ المسلمين ذلك، وخافوا، قال: وكان قدوم زيد حين سووا على رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وآله التراب بالبقيع، فقال رجل من المنافقين لأسامة بن زيد: قتل صاحبكم ومن معه، وقال رجل من المنافقين لأبي لبابة بن عبد المنذر:
قد تفرق أصحابكم تفرقا لا يجتمعون معه أبدا، وقد قتل عليه أصحابكم، وقتل محمد، وهذه ناقته نعرفها، وهذا زيد بن حارثة لا يدرى ما يقول من الرعب، وقد جاء فلا، فقال أبو لبابة كذب الله قولك، وقالت يهود ما جاء زيد إلا فلا قال أسامة بن زيد:
فجئت حتى خلوت بأبي، فقلت: يا أبت أحق ما تقول فقال: أي والله حقا يا بنى، فقويت نفسي، فرجعت إلى ذلك المنافق، فقلت: أنت المرجف برسول الله وبالمسلمين لنقدمنك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله إذا قدم، فليضربن عنقك، فقال يا أبا محمد، إنما هو شئ سمعت الناس يقولونه.
قال الواقدي: فقدم بالأسرى وعليهم شقران وهم تسعة وأربعون رجلا الذين أحصوا، وهم سبعون في الأصل، مجمع عليه لا شك فيه، إلا أنهم لم يحص سائرهم، ولقى الناس رسول الله صلى الله عليه وآله بالروحاء يهنئونه بفتح الله عليه، فلقيه وجوه الخزرج، فقال سلمة بن سلامة بن وقش ما الذي تهنئونه فوالله ما قتلنا إلا عجائز صلعا فتبسم النبي صلى الله عليه وآله فقال يا بن أخي، أولئك الملا، لو رأيتهم لهبتهم، ولو أمروك لأطعتهم، ولو رأيت فعالك مع فعالهم لاحتقرتها وبئس القوم كانوا على ذلك لنبيهم فقال سلمة أعوذ بالله من غضبه وغضب رسوله، إنك يا رسول الله لم تزل عنى معرضا منذ كنا بالروحاء