شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٤ - الصفحة ١٥٢
حتى ينتشي، ثم يبكى على أبى حكيمة وأخوته، ثم يحثى التراب على رأسه، ويقول لغلامه ويحك أكتم على، فإني أكره أن تعلم بي قريش، إني أراها لم تجمع البكاء على قتلاها (1).
قال الواقدي: حدثني مصعب بن ثابت عن عيسى بن معمر، عن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن عائشة قالت قالت قريش حين رجعوا إلى مكة لا تبكوا على قتلاكم، فيبلغ محمدا وأصحابه فيشمتوا بكم، ولا تبعثوا في أسراكم، فيأرب (2) بكم القوم، إلا فأمسكوا عن البكاء.
قال: وكان الأسود بن المطلب أصيب له ثلاثة من ولده زمعة وعقيل والحارث بن زمعة، فكان يحب أن يبكى على قتلاه، فبينا هو كذلك إذ سمع نائحة من الليل، فقال لغلامه - وقد ذهب بصره - انظر، هل بكت قريش على قتلاها لعلى أبكى على أبى حكيمة - يعنى زمعة - فإن جوفي قد احترق، فذهب الغلام ورجع إليه، فقال إنما هي امرأة تبكي على بعيرها قد أضلته، فقال الأسود:
تبكي أن يضل لها بعير * ويمنعها من النوم السهود (3) فلا تبكي على بكر ولكن * على بكر تصاغرت الخدود (4) فبكى إن بكيت على عقيل * وبكى حارثا أسد الأسود وبكيهم ولا تسمى جميعا (5) * فما لأبي حكيمة من نديد

(1) مغازي الواقدي 114.
(2) فيأرب: فيشتد.
(3) الخبر والشعر - مع اختلاف الرواية - في سيرة ابن هشام 2: 291، والشعر أيضا في ديوان الحماسة - بشرح المرزوقي 2: 872.
(4) الحماسة: (تقاصرت الجدود، قال المرزوقي: (هو تفاعل من القصور والعجز، لا القصر الذي هو ضد الطول، وفي الواقدي عن هشام: سمعت أبي ينشد (تصاغرت الخدود)، ولا ينكر (الخدود).
(5) لا تسمى، لا تسأمي.
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 1 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل الكوفة عند مسيره من المدينة إلى البصرة 6
2 أخبار على عند مسيره إلى البصرة ورسله إلى الكوفة 8
3 فصل في نسب عائشة وأخبارها 21
4 2 - ومن كتاب له عليه السلام بعد فتح البصرة 26
5 3 - من كتاب له عليه السلام لشريح بن الحارث قاضيه 27
6 نسب شريح وذكر بعض أخباره 28
7 4 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض أمراء جيشه 32
8 5 - من كتاب له عليه السلام إلى الأشعث بن قيس وهو عامل أذربيجان 33
9 6 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 35
10 جرير بن عبد الله البجلي عند معاوية 38
11 7 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 41
12 8 - من كتاب له عليه السلام إلى جرير بن عبد الله البجلي لما أرسله إلى معاوية 45
13 9 - ومن كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 47
14 إجلاب قريش على بني هاشم وحصرهم في الشعب 52
15 القول في المؤمنين والكافرين من بني هاشم 64
16 اختلاف الرأي في إيمان أبي طالب 65
17 قصة غزوة بدر 84
18 القول في نزول الملائكة يوم بدر ومحاربتها المشركين 157
19 القول فيما جرى في الغنيمة والأسارى بعد هزيمة قريش ورجوعها إلى مكة 165
20 القول في تفصيل أسماء أسارى بدر ومن أسرهم 199
21 القول في المطعمين في بدر من المشركين 205
22 القول فيمن قتل ببدر من المشركين وأسماء قاتليهم 208
23 القول فيمن شهد بدرا من المسلمين 212
24 قصة غزوة أحد 213