حتى ينتشي، ثم يبكى على أبى حكيمة وأخوته، ثم يحثى التراب على رأسه، ويقول لغلامه ويحك أكتم على، فإني أكره أن تعلم بي قريش، إني أراها لم تجمع البكاء على قتلاها (1).
قال الواقدي: حدثني مصعب بن ثابت عن عيسى بن معمر، عن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن عائشة قالت قالت قريش حين رجعوا إلى مكة لا تبكوا على قتلاكم، فيبلغ محمدا وأصحابه فيشمتوا بكم، ولا تبعثوا في أسراكم، فيأرب (2) بكم القوم، إلا فأمسكوا عن البكاء.
قال: وكان الأسود بن المطلب أصيب له ثلاثة من ولده زمعة وعقيل والحارث بن زمعة، فكان يحب أن يبكى على قتلاه، فبينا هو كذلك إذ سمع نائحة من الليل، فقال لغلامه - وقد ذهب بصره - انظر، هل بكت قريش على قتلاها لعلى أبكى على أبى حكيمة - يعنى زمعة - فإن جوفي قد احترق، فذهب الغلام ورجع إليه، فقال إنما هي امرأة تبكي على بعيرها قد أضلته، فقال الأسود:
تبكي أن يضل لها بعير * ويمنعها من النوم السهود (3) فلا تبكي على بكر ولكن * على بكر تصاغرت الخدود (4) فبكى إن بكيت على عقيل * وبكى حارثا أسد الأسود وبكيهم ولا تسمى جميعا (5) * فما لأبي حكيمة من نديد