قال الواقدي: وحدثني عمر بن عثمان عن عكاشة بن محصن، قال: انقطع سيفي يوم بدر، فأعطاني رسول الله صلى الله عليه وآله عودا، فإذا هو سيف أبيض طويل، فقاتلت به حتى هزم الله المشركين، ولم يزل ذلك السيف عند عكاشة حتى هلك.
قال: وقد روى رجال من بنى عبد الأشهل عدة، قالوا انكسر سيف سلمة بن أسلم (1) بن حريش (2) يوم بدر، فبقي أعزل لا سلاح معه، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وآله قضيبا كان في يده من عراجين ابن طاب (3)، فقال اضرب به، فإذا هو سيف جيد، فلم يزل عنده حتى قتل يوم جسر أبى عبيد (4).
قال الواقدي: وأصاب حارثة بن سراقة، وهو يكرع في الحوض سهم غرب (5) من المشركين فوقع في نحره، فمات، فلقد شرب القوم آخر النهار من دمه، وبلغ أمه وأخته - وهما بالمدينة مقتله - فقالت أمه والله لا أبكى عليه، حتى يقدم رسول الله صلى الله عليه وآله فأسأله، فإن كان في الجنة لم أبك عليه، وإن كان في النار بكيته لعمر الله فأعولته فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وآله من بدر جاءت أمه إليه، فقالت يا رسول الله، قد عرفت موضع حارثة في قلبي، فأردت أن أبكى عليه، ثم قلت لا أفعل حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وآله عنه، فإن كان في الجنة لم أبكه، وإن كان في النار بكيته فأعولته فقال النبي صلى الله عليه وآله: (هبلت أجنة واحدة انها جنان كثيرة، والذي نفسي بيده إنه لفي الفردوس الأعلى)، قالت فلا أبكى عليه أبدا.
قال الواقدي: ودعا رسول الله صلى الله عليه وآله حينئذ بماء في إناء، فغمس يده فيه ومضمض فاه، ثم ناول أم حارثة بن سراقة، فشربت ثم ناولت ابنتها فشربت،