شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٤ - الصفحة ١٥٤
بعد قتلى بدر قال عمير بن وهب: أجل والله، ما في العيش بعدهم خير، ولولا دين على لا أجد له قضاء، وعيال لا أدع لهم شيئا، لرحلت إلى محمد حتى أقتله أن ملأت عيني منه، فإنه بلغني انه يطوف في الأسواق، فان لي عندهم علة، أقول قدمت على ابني هذا الأسير ففرح صفوان بقوله، وقال: يا أبا أمية، وهل نراك فاعلا قال: أي ورب هذه البنية قال صفوان: فعلى دينك، وعيالك أسوة عيالي، فأنت تعلم أنه ليس بمكة رجل أشد توسعا على عياله منى. قال عمير: قد عرفت ذلك يا أبا وهب، قال صفوان: فان عيالك مع عيالي، لا يسعني شئ ونعجز عنهم، ودينك على. فحمله صفوان على بعيره، وجهزه وأجرى على عياله مثل ما يجرى على عيال نفسه، وأمر عمير بسيفه فشحذ وسم، ثم خرج إلى المدينة، وقال لصفوان: اكتم على أياما حتى أقدمها، وخرج فلم يذكره صفوان، وقدم عمير، فنزل على باب المسجد، وعقل راحلته وأخذ السيف فتقلده، ثم عمد نحو رسول الله صلى الله عليه وآله، وعمر بن الخطاب في نفر من المسلمين يتحدثون (1)، ويذكرون نعمة الله عليهم في بدر، فرأى عميرا وعليه السيف، ففزع عمر منه، وقال لأصحابه: دونكم الكلب هذا عمير بن وهب عدو الله الذي حرش بيننا يوم بدر، وحزرنا للقوم، وصعد فينا وصوب، يخبر قريشا أنه لا عدد لنا ولا كمين فقاموا إليه فأخذوه، فانطلق عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال يا رسول الله، هذا عمير بن وهب، قد دخل المسجد ومعه السلاح، وهو الغادر الخبيث الذي لا يؤمن على شئ، فقال النبي صلى الله عليه وآله أدخله على، فخرج عمر فأخذ بحمائل سيفه، فقبض بيده عليها، وأخذ بيده الأخرى قائم السيف، ثم أدخله على رسول الله صلى الله عليه وآله، فلما رآه، قال:
يا عمر تأخر عنه، فلما دنا عمير إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: أنعم صباحا، فقال له النبي صلى الله عليه وآله: قد أكرمنا الله عن تحيتك، وجعل تحيتنا السلام، وهي تحية أهل الجنة قال عمير: إن عهدك بها لحديث، فقال النبي صلى الله عليه وآله: قد أبدلنا

(1) الواقدي: (فنظر عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو في نفر من أصحابه يتحدثون).
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 1 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل الكوفة عند مسيره من المدينة إلى البصرة 6
2 أخبار على عند مسيره إلى البصرة ورسله إلى الكوفة 8
3 فصل في نسب عائشة وأخبارها 21
4 2 - ومن كتاب له عليه السلام بعد فتح البصرة 26
5 3 - من كتاب له عليه السلام لشريح بن الحارث قاضيه 27
6 نسب شريح وذكر بعض أخباره 28
7 4 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض أمراء جيشه 32
8 5 - من كتاب له عليه السلام إلى الأشعث بن قيس وهو عامل أذربيجان 33
9 6 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 35
10 جرير بن عبد الله البجلي عند معاوية 38
11 7 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 41
12 8 - من كتاب له عليه السلام إلى جرير بن عبد الله البجلي لما أرسله إلى معاوية 45
13 9 - ومن كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 47
14 إجلاب قريش على بني هاشم وحصرهم في الشعب 52
15 القول في المؤمنين والكافرين من بني هاشم 64
16 اختلاف الرأي في إيمان أبي طالب 65
17 قصة غزوة بدر 84
18 القول في نزول الملائكة يوم بدر ومحاربتها المشركين 157
19 القول فيما جرى في الغنيمة والأسارى بعد هزيمة قريش ورجوعها إلى مكة 165
20 القول في تفصيل أسماء أسارى بدر ومن أسرهم 199
21 القول في المطعمين في بدر من المشركين 205
22 القول فيمن قتل ببدر من المشركين وأسماء قاتليهم 208
23 القول فيمن شهد بدرا من المسلمين 212
24 قصة غزوة أحد 213