ثم أمرهما فنضحتا في جيوبهما، ثم رجعتا من عند النبي صلى الله عليه وآله، وما بالمدينة امرأتان أقر عينا منهما ولا أسر (1).
قال الواقدي: وكان حكيم بن حزام يقول انهزمنا يوم بدر، فجعلت أسعى وأقول قاتل الله ابن الحنظلية يزعم أن النهار قد ذهب، والله إن النهار لكما هو، قال حكيم:
وماذا بي إلا حبا أن يأتي الليل فيقصر عنا طلب القوم، فيدرك حكيم عبيد الله وعبد الرحمن بنى العوام على جمل لهما، فقال عبد الرحمن لأخيه إنزل فاحمل أبا خالد، وكان عبيد الله رجلا أعرج، لا رجلة (2) به، فقال عبيد الله إنه لا رجلة بي كما ترى، وقال عبد الرحمن: والله إن منه لا بد ألا نحمل رجلا، إن متنا كفانا ما خلفنا من عيالنا، وإن عشنا حملنا كلنا فنزل عبد الرحمن وأخوه الأعرج، فحملاه، فكانوا يتعاقبون الجمل، فلما دنا من مكة وكان بمر الظهران، قال: والله لقد رأيت هاهنا أمرا ما كان يخرج على مثله أحد له رأى، ولكنه شؤم ابن الحنظلية أن جزورا نحرت هاهنا فلم يبق خباء إلا أصابه من دمها فقالا قد رأينا ذلك، ولكن رأيناك وقومك قد مضيتم فمضينا معكم، ولم يكن لنا معكم أمر.
قال الواقدي: فحدثني عبد الرحمن بن الحارث عن مخلد بن خفاف، عن أبيه، قال: كانت الدروع في قريش كثيرة يومئذ، فلما انهزموا جعلوا يلقونها، وجعل المسلمون يتبعونهم ويلقطون ما طرحوا، ولقد رأيتني يومئذ التقطت ثلاث أدرع جئت بها أهلي، فكانت عندنا بعد، فزعم لي رجل من قريش - ورأي درعا منها عندنا فعرفها - قال: هذه درع الحارث بن هشام (3).
قال الواقدي: وحدثني محمد بن حميد، عن عبد الله بن عمرو بن أمية، قال:
أخبرني من انكشف من قريش يومئذ منهزما، وإنه ليقول في نفسه، ما رأيت مثل هذا فر منه إلا النساء.