أخبرني أنه ارتكس، لا أكلمه من رأسي أبدا، ولا أنفعه ولا عياله بنافعة أبدا، فوقع عليه عمير وهو في الحجر فقال يا أبا وهب فاعرض صفوان عنه، فقال عمير أنت سيد من ساداتنا، أرأيت الذي كنا عليه من عبادة حجر، والذبح له أهذا دين أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فلم يجبه صفوان بكلمة، وأسلم مع عمير بشر كثير (١).
قال الواقدي: وكان فتية من قريش خمسة قد أسلموا، فاحتبسهم آباؤهم، فخرجوا مع أهلهم وقومهم إلى بدر، وهم على الشك والارتياب، لم يخلصوا إسلامهم، وهم قيس بن الوليد بن المغيرة، وأبو قيس بن الفاكه بن المغيرة، والحارث بن زمعة بن الأسود، وعلي بن أمية بن خلف، والعاص بن منبه بن الحجاج، فلما قدموا بدرا ورأوا قلة أصحاب النبي صلى الله عليه وآله، قالوا غر هؤلاء دينهم، ففيهم أنزل ﴿إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم﴾ (٢)، ثم أنزل فيهم ﴿إن الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها...﴾ (٣) إلى تمام ثلاث آيات (٤).
قال: فكتب بها المهاجرون بالمدينة إلى من أقام بمكة مسلما، فقال جندب بن ضمرة الخزاعي لا عذر لي ولا حجة في مقامي بمكة - وكان مريضا - فقال لأهله أخرجوني، لعلى أجد روحا قالوا أي وجه أحب إليك قال: نعم التنعيم فخرجوا به إلى التنعيم، وبين التنعيم ومكة أربعة أميال من طريق المدينة - فقال: اللهم إني خرجت إليك مهاجرا، فأنزل الله تعالى: ﴿ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله...﴾ (5) الآية، فلما رأى ذلك من كان بمكة ممن يطيق الخروج، خرجوا فطلبهم أبو سفيان في رجال من المشركين،