ربطت حمائل سيفه في عنقه لصغره، فالتفت إلى أحدهما، فقال يا عم، أيهم أبو جهل قال: قلت: وما تصنع به يا بن أخي قال: بلغني إنه يسب رسول الله صلى الله عليه وآله، فحلفت لئن رأيته لأقتلنه أو لأموتن دونه. فأشرت إليه، فالتفت إلى الاخر، وقال لي مثل ذلك، فأشرت له إليه، وقلت له: من أنتما قالا ابنا الحارث، قال:
فجعلا لا يطرفان عن أبي جهل، حتى إذا كان القتال خلصا إليه فقتلاه وقتلهما (1).
قال الواقدي: فحدثني محمد بن عوف، عن إبراهيم بن يحيى بن زيد بن ثابت، قال: لما كان يومئذ، قال عبد الرحمن،: ونظر إليهما عن يمينه وعن شماله ليته كان إلى جنبي من هو أبدن من هذين الصبيين فلم أنشب أن التفت إلى عوف، فقال أيهم أبو جهل فقلت ذاك حيث ترى، فخرج يعدو إليه كأنه سبع، ولحقه أخوه، فأنا أنظر إليهم يضطربون بالسيوف، ثم نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله يمر بهم في القتلى، وهما إلى جانب أبى جهل (2).
قال الواقدي: وحدثني محمد بن رفاعة بن ثعلبة، قال: سمعت أبي ينكر ما يقول الناس في ابني عفراء من صغرهما، ويقول: كانا يوم بدر أصغرهما ابن خمس وثلاثين سنة، فهذا يربط حمائل سيفه قال الواقدي: والقول الأول أثبت (3).
وروى محمد بن عمار بن ياسر، عن ربيع بنت معوذ، قالت: دخلت في نسوة من الأنصار على أسماء أم أبى جهل في زمن عمر بن الخطاب، وكان ابنها عبد الله بن أبي ربيعة يبعث إليها بعطر من اليمن، فكانت تبيعه إلى الأعطية، فكنا نشتري منها، فلما جعلت لي في قواريري، ووزنت لي كما وزنت لصواحبي، قال: اكتبن لي عليكن حقي، قلت نعم، أكتب لها على الربيع بنت معوذ، فقالت أسماء خلفي وإنك