وروى محمد بن إسحاق قال: وخرج النبي صلى الله عليه وآله من العريش إلى الناس ينظر القتال، فحرض المسلمين وقال: كل امرئ بما أصاب، وقال: والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل في جملة، فيقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر، إلا أدخله الله الجنة فقال عمير بن الحمام أخو بنى سلمة، وفى يده تمرات يأكلهن بخ بخ فما بيني وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء ثم قذف التمرات من يده، وأخذ سيفه، فقاتل القوم حتى قتل (1).
قال محمد بن إسحاق: وحدثني عاصم بن عمرو بن قتادة أن عوف بن الحارث - وهو ابن عفراء - قال لرسول الله صلى الله عليه وآله يوم بدر: يا رسول الله، ما يضحك الرب من عبده قال: غمسه يده في العدو حاسرا فنزع عوف درعا كانت عليه وقذفها، ثم أخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل (2).
قال الواقدي وابن إسحاق: واخذ رسول الله صلى الله عليه وآله كفا من البطحاء، فرماهم بها، وقال: شاهت الوجوه (3) اللهم ارعب قلوبهم، وزلزل أقدامهم فانهزم المشركون لا يلوون على شئ، والمسلمون يتبعونهم يقتلون ويأسرون (2).
قال الواقدي: وكان هبيرة بن أبي وهب المخزومي لما رأى الهزيمة انخزل ظهره فعقر، فلم يستطع أن يقوم، فأتاه أبو أسامة الجشمي حليفه، ففتق درعه واحتمله - ويقال ضربه أبو داود المازني بالسيف فقطع درعه، ووقع لوجهه، وأخلد إلى الأرض، وجاوزه أبو داود وبصر به ابنا زهير الجشميان مالك، وأبو أسامة، وهما حليفاه، فذبا عنه حتى نجوا به، واحتمله أبو أسامة ومالك يذب عنه، حتى خلصاه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله حماه كلباه الحليفان (4).