الله عليه وآله ساعة، ثم كشف عنه فبشر المؤمنين بجبرائيل في جند من الملائكة في ميمنة الناس، وميكائيل في جند آخر في ميسرة الناس، وإسرافيل في جند آخر في ألف، وكان إبليس قد تصور للمشركين في صورة سراقة بن جعشم المدلجي، يذمر المشركين، ويخبرهم أنه لا غالب لهم من الناس، فلما أبصر عدو الله الملائكة نكص على عقبيه، وقال: (إني برئ منكم إني أرى ما لا ترون)، فتشبث به الحارث بن هشام، وهو يرى أنه سراقة لما سمع من كلامه، فضرب في صدر الحارث، فسقط الحارث، وانطلق إبليس لا يرى حتى وقع في البحر، ورفع يديه قائلا يا رب موعدك الذي وعدتني وأقبل أبو جهل على أصحابه يحضهم على القتال وقال:
لا يغرنكم خذلان سراقة بن جعشم إياكم، فإنما كان على ميعاد من محمد وأصحابه، سيعلم إذا رجعنا إلى قديد ما نصنع بقومه ولا يهولنكم مقتل عتبة وشيبة والوليد، فإنهم عجلوا وبطروا حين قاتلوا، وأيم الله لا نرجع اليوم حتى نقرن محمدا وأصحابه في الحبال، فلا ألفين أحدا منكم قتل منهم أحدا، ولكن خذوهم أخذا نعرفهم بالذي صنعوا، لمفارقتهم دينكم ورغبتهم عما كان يعبد آباؤهم.
قال الواقدي: وحدثني عتبة بن يحيى، عن معاذ بن رفاعة بن رافع، عن أبيه، قال:
إن كنا لنسمع لإبليس يومئذ خوارا ودعاء بالثبور والويل، وتصور في صورة سراقة بن جعشم حتى هرب، فاقتحم البحر، ورفع يديه مادا لهما، يقول يا رب ما وعدتني ولقد كانت قريش بعد ذلك تعير سراقة بما صنع يومئذ، فيقول والله ما صنعت شيئا.
قال الواقدي: فحدثني أبو إسحاق الأسلمي، عن الحسن بن عبيد الله، مولى بنى العباس، عن عمارة الليثي، قال: حدثني شيخ صياد من الحي - وكان يومئذ على ساحل البحر - قال: سمعت صياحا يا ويلاه يا ويلاه قد ملا الوادي يا حرباه يا حرباه فنظرت فإذا سراقة بن جعشم، فدنوت منه، فقلت ما لك فداك أبي وأمي فلم يرجع إلى شيئا، ثم أراه اقتحم البحر، ورفع يديه مادا، يقول يا رب ما وعدتني فقلت