غزاة القادسية، وقيل في غزاة نهاوند. وإلى هذا القول الأخير ذهب محمد بن جرير الطبري في " التاريخ الكبير "، وإلى القول الأول ذهب المدائني في كتاب " الفتوح "، ونحن نشير إلى ما جرى في هاتين الوقعتين إشارة خفيفة على مذهبنا في ذكر السير والأيام.
فأما وقعة القادسية فكانت في سنة أربع عشرة للهجرة، استشار عمر المسلمين في أمر القادسية، فأشار عليه علي بن أبي طالب في رواية أبى الحسن علي بن محمد بن سيف المدائني ألا يخرج بنفسه، وقال: إنك إن تخرج لا يكن للعجم همه إلا استئصالك، لعلمهم أنك قطب رحا العرب، فلا يكون للاسلام بعدها دولة. وأشار عليه غيره من الناس أن يخرج بنفسه، فأخذ برأي علي عليه السلام.
وروى غير المدائني أن هذا الرأي أشار به عبد الرحمن بن عوف، قال أبو جعفر محمد ابن جرير الطبري: لما بدا لعمر في المقام بعد أن كان عزم على الشخوص بنفسه، أمر سعد بن أبي وقاص على المسلمين، وبعث يزدجرد رستم الأرمني أميرا على الفرس، فأرسل سعد النعمان بن مقرن رسولا إلى يزدجرد، فدخل عليه، وكلمه بكلام غليظ، فقال يزدجرد: لولا أن الرسل لا تقتل لقتلتك، ثم حمله وقرا من تراب على رأسه، وساقه حتى أخرجه من باب من أبواب المدائن، وقال: ارجع إلى صاحبك، فقد كتبت إلى رستم أن يدفنه وجنده من العرب في خندق القادسية، ثم لأشغلن العرب بعدها بأنفسهم، ولأصيبنهم بأشد مما أصابهم به سابور ذو الأكتاف. فرجع النعمان إلى سعد فأخبره، فقال:
لا تخف، فإن الله قد ملكنا أرضهم تفاؤلا بالتراب.
قال أبو جعفر: وتثبط رستم عن القتال وكرهه، وآثر المسالمة، واستعجله يزدجرد مرارا، واستحثه على الحرب، وهو يدافع بها، ويرى المطاولة. وكان عسكره مائة وعشرين ألفا