عندك، وإن أبوا إلا التمسك بحبل النكث والخلاف، فناجزهم القتال حتى يحكم الله بينك، وبينهم وهو خير الحاكمين، وكتبت كتابي هذا إليك من الربذة، وأنا معجل المسير إليك إن شاء الله.
وكتبه عبيد الله بن أبي رافع في سنة ست وثلاثين.
قال: فلما وصل كتاب علي عليه السلام إلى عثمان، أرسل إلى أبى الأسود الدؤلي وعمران بن الحصين الخزاعي، فأمرهما أن يسيرا حتى يأتياه بعلم القوم، وما الذي أقدمهم!
فانطلقا حتى إذا أتيا حفر أبى موسى، وبه معسكر القوم، فدخلا على عائشة، فنالاها ووعظاها، وأذكراها وناشداها الله، فقالت لهما: القيا طلحة والزبير. فقاما من عندها ولقيا الزبير فكلماه، فقال لهما: إنا جئنا للطلب بدم عثمان، وندعو الناس إلى أن يردوا أمر الخلافة شورى، ليختار الناس لأنفسهم. فقالا له: إن عثمان لم يقتل بالبصرة ليطلب دمه فيها، وأنت تعلم قتلة عثمان من هم، وأين هم! وإنك وصاحبك وعائشة كنتم أشد الناس عليه، وأعظمهم إغراء بدمه، فأقيدوا من أنفسكم. وأما إعادة أمر الخلافة شورى فكيف وقد بايعتم عليا طائعين غير مكرهين! وأنت يا أبا عبد الله لم يبعد العهد بقيامك دون هذا الرجل يوم مات رسول الله صلى الله عليه وآله، وأنت آخذ قائم سيفك، تقول:
ما أحد أحق بالخلافة منه ولا أولى بها منه! وامتنعت من بيعة أبى بكر فأين ذلك الفعل من هذا القول!
فقال لهما: اذهبا فالقيا طلحة، فقاما إلى طلحة فوجداه أخشن الملمس، شديد العريكة قوى العزم في إثارة الفتنة وإضرام نار الحرب، فانصرفا إلى عثمان بن حنيف، فأخبراه وقال له أبو الأسود:
يا بن حنيف قد أتيت فانفر * وطاعن القوم وجالد واصبر (1)