ماء يدعى الحوأب، قد نبحت بعض نسائي " ثم قال لي: " إياك يا حميراء أن تكونيها " فقال لها الزبير: مهلا يرحمك الله، فإنا قد جزنا ماء الحوأب بفراسخ كثيرة، فقالت: أعندك من يشهد بأن هذه الكلاب النابحة ليست على ماء الحوأب؟ فلفق لها الزبير وطلحة خمسين أعرابيا جعلا لهم جعلا، فحلفوا لها، وشهدوا أن هذا الماء ليس بماء الحوأب، فكانت هذه أول شهادة زور في الاسلام.
فسارت عائشة لوجهها.
* * * قال أبو مخنف: وحدثنا عصام بن قدامة، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال يوما لنسائه، وهن عنده جميعا: " ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل الأدبب (1)، تنبحها كلاب الحوأب يقتل عن يمينها وشمالها قتلى كثيرة، كلهم في النار وتنجو بعد ما كادت!
قلت: وأصحابنا المعتزلة رحمهم الله، يحملون قوله عليه السلام: " وتنجو " على نجاتها من النار، والامامية يحملون ذلك على نجاتها من القتل، ومحملنا أرجح، لان لفظة " في النار " أقرب إليه من لفظة " القتلى " والقرب معتبر في هذا الباب، ألا ترى أن نحاة البصريين أعملوا أقرب العاملين، نظرا إلى القرب!
* * * قال أبو مخنف: وحدثني الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، أن الزبير وطلحة أغذا (2) السير بعائشة، حتى انتهوا إلى حفر أبى موسى الأشعري، وهو قريب من البصرة وكتبا إلى عثمان بن حنيف الأنصاري، وهو عامل علي عليه السلام على البصرة: أن أخل لنا دار الامارة، فلما وصل كتابهما إليه بعث الأحنف بن قيس، فقال له: إن هؤلاء القوم قدموا علينا ومعهم زوجة رسول الله، والناس إليها سراع كما ترى، فقال الأحنف: