هذا وقتالكما، أشئ أمركما به رسول الله صلى الله عليه وآله، أم رأى رأيتماه؟ فأما طلحة فسكت وجعل ينكت في الأرض، وأما الزبير فقال: ويحك! حدثنا أن هاهنا دراهم كثيرة فجئنا لنأخذ منها.
وجعل قاضى القضاة هذا الخبر حجة في أن طلحة تاب، وأن الزبير لم يكن مصرا على الحرب، والاحتجاج بهذا الخبر على هذا المعنى ضعيف، وإن صح هو وما قبله، إنه لدليل على حمق شديد، وضعف عظيم، ونقص ظاهر. وليت شعري ما الذي أحوجهما إلى هذا القول! وإذا كان هذا في أنفسهما، فهلا كتماه!
* * * ثم نعود إلى خبرهما: قال أبو مخنف: فلما أقبل طلحة والزبير من المربد، يريدان عثمان بن حنيف، فوجداه وأصحابه قد أخذوا بأفواه السكك، فمضوا حتى انتهوا إلى موضع الدباغين، فاستقبلهم أصحاب ابن حنيف، فشجرهم (1) طلحة والزبير وأصحابهما بالرماح فحمل عليهم حكيم بن جبلة، فلم يزل هو وأصحابه يقاتلونهم حتى أخرجوهم من جميع السكك ورماهم النساء من فوق البيوت بالحجارة، فأخذوا إلى مقبرة بنى مازن، فوقفوا بها مليا حتى ثابت إليهم خيلهم ثم أخذوا على مسناة البصرة، حتى انتهوا إلى الرابوقة ثم أتوا سبخة دار الرزق، فنزلوها.
قال: وأتاهما عبد الله بن حكيم التميمي لما نزلا السبخة بكتب كانا كتباها إليه، فقال لطلحة: يا أبا محمد، أما هذا كتبك إلينا؟ قال: بلى، قال: فكتبت أمس تدعونا إلى خلع عثمان وقتله، حتى إذا قتلته، أتيتنا ثائرا بدمه! فلعمري ما هذا رأيك، لا تريد إلا هذه الدنيا. مهلا! إذا كان هذا رأيك فلم قبلت من على ما عرض عليك من البيعة،