فتسمى غيضة ومغيضا، وينبت فيها الشجر، كأنه جعل الفلك كالغيضة، والليل والنهار كالشجر النابت فيها.
ووجه المشاركة أن المغيض أو الغيضة يتولد منهما الشجر، وكذلك الليل والنهار يتولدان من جريان الفلك.
ثم عاد فقال: " ومجرى للشمس والقمر " أي موضعا لجريانهما.
ومختلفا للنجوم السيارة أي موضعا لاختلافها واللام مفتوحة.
ثم قال: " جعلت سكانه سبطا من ملائكتك " أي قبيلة، قال تعالى: ﴿اثنتي عشرة أسباطا أمما﴾ (1).
لا يسأمون: لا يملون. وقرارا للأنام أي موضع استقرارهم وسكونهم. ومدرجا للهوام، أي موضع دروجهم وسيرهم وحركاتهم، والهوام: الحشرات والمخوف من الأحناش.
ومالا يحصى، أي لا يضبط بالإحصاء والعد، مما نراه ونعرفه ومالا نراه ولا نعرفه.
وقال بعض العلماء: إن أردت أن تعرف حقيقة قوله: " مما يرى وما لا يرى " فأوقد نارا صغيرة في فلاة في ليلة صيفية، وانظر ما يجتمع عليها من الأنواع الغريبة العجيبة الخلق، التي لم تشاهدها أنت ولا غيرك قط.
قوله: " وللخلق اعتمادا " لأنهم يجعلونها كالمساكن لهم، فينتفعون بها ويبنون منازل إلى جانبها، فيقوم مقام جدار قد استغنوا عن بنيانه، ولأنها أمهات العيون ومنابع المياه باعتماد الخلق على مرافقهم ومنافعهم ومصالحهم عليها.