[قال عثمان: هم أقرباؤك أيضا، فقال على: لعمري إن رحمهم منى لقريبة ولكن الفضل في غيرهم] (1).
فقال عثمان: أفلا تعلم أن عمر ولى معاوية! فقد وليته. قال على: أنشدك الله ألا تعلم أن معاوية كان أخوف لعمر من يرفأ غلامه له؟ قال: بلى، قال: فأن معاوية يقطع الأمور دونك ويقول للناس: هذا بأمر عثمان وأنت تعلم ذلك فلا تغير عليه!
ثم قام على، فخرج عثمان على أثره، فجلس على المنبر، فخطب الناس، وقال: أما بعد فأن لكل شئ آفة، ولكل أمر عاهة، وإن آفة هذه الأمة، وعاهة هذه النعمة عيابون طعانون يرونكم ما تحبون، ويسرون عنكم ما تكرهون، يقولون لكم وتقولون، أمثال النعام يتبع أول ناعق أحب مواردها إليها البعيد، لا يشربون إلا نغصا ولا يردون إلا عكرا.
أما والله لقد عبتم على ما أقررتم لابن الخطاب بمثله، ولكنه وطأكم برجله، وضربكم بيده، وقمعكم بلسانه، فدنتم له على ما أحببتم وكرهتم، ولنت لكم، وأوطأتكم كتفي وكففت يدي ولساني عنكم، فاجترأتم على. أما والله لأنا أقرب ناصرا وأعز نفرا وأكثر عددا، وأحرى إن قلت: هلم أن يجاب صوتي. ولقد أعددت لكم أقرانا وكشرت لكم عن نابي، وأخرجتم منى خلقا لم أكن أحسنه، ومنطقا لم أكن أنطق به.
فكفوا عنى ألسنتكم وطعنكم وعيبكم على ولاتكم، فما الذي تفقدون من حقكم!
والله ما قصرت عن بلوغ من كان قبلي [يبلغ (1)] وما وجدتكم تختلفون عليه، فما بالكم!
فقام مروان بن الحكم فقال: وإن شئتم حكمنا بيننا وبينكم السيف.
فقال عثمان: اسكت لا سكت! دعني وأصحابي، ما منطقك في هذا! ألم أتقدم (2) إليك ألا تنطق!
فسكت مروان، ونزل عثمان.