بعد الشرك. وبنا يؤلف بين القلوب بعد الفتنة. فقلت: الحمد لله على ما وهب لنا من فضله.
* * * واعلم أن لفظه عليه السلام المروى في " نهج البلاغة " يدل على أن الآية المذكورة وهي قوله عليه السلام: (ألم أحسب الناس) أنزلت بعد أحد، وهذا خلاف قول أرباب التفسير، لأن هذه الآية هي أول سورة العنكبوت وهي عندهم بالاتفاق مكية ويوم أحد كان بالمدينة، وينبغي أن يقال في هذا: إن هذه الآية خاصة أنزلت بالمدينة وأضيفت إلى السورة المكية فصارتا واحدة، وغلب عليها نسب المكي، لان الأكثر كان بمكة، وفى القرآن مثل هذا كثير، كسورة النحل، فإنها مكية بالاجماع، وآخرها ثلاث آيات أنزلت بالمدينة بعد يوم أحد، وهي قوله تعالى: ﴿وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين * واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون * إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون﴾ (1).
فإن قلت: فلم قال: (علمت أن الفتنة لا تنزل بنا ورسول الله بين أظهرنا "؟
قلت: لقوله تعالى: (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم) (2).
وقوله: " حيزت عنى الشهادة " أي منعت.
قوله: " ليس هذا من مواطن الصبر " كلام عال جدا يدل على يقين عظيم وعرفان تام، ونحوه قوله - وقد ضربه ابن ملجم: فزت ورب الكعبة.