للغاوين، وإن الخلق لا مقصر لهم عن القيامة، مرقلين في مضمارها إلى الغاية القصوى.
* * * الشرح:
هو الان في ذكر الايمان، وعنه قال: " سبيل أبلج المنهاج " أي واضح الطريق.
ثم قال: " فبالإيمان يستدل على الصالحات "، يريد بالايمان هاهنا مسماه اللغوي لا الشرعي لان الايمان في اللغة هو التصديق، قال سبحانه: " وما أنت بمؤمن لنا) (1) أي بمصدق والمعنى أن من حصل عنده التصديق، بالوحدانية والرسالة، وهما كلمتا الشهادة استدل بهما على وجوب الأعمال الصالحة عليه أو ندبه إليها، لان المسلم يعلم من دين نبيه صلى الله عليه وآله أنه أوجب عليه أعمالا صالحة وندبه إلى أعمال صالحة، فقد ثبت أن بالايمان يستدل على الصالحات.
ثم قال: " و بالصالحات يستدل على الايمان " فالايمان هاهنا مستعمل في مسماة الشرعي لا في مسماه اللغوي، ومسماه الشرعي هو العقد بالقلب، والقول باللسان، والعمل بالجوارح فلا يكون المؤمن مؤمنا حتى يستكمل فعل كل واجب، ويجتنب كل قبيح، ولا شبهة أنا متى علمنا أو ظننا من مكلف أنه يفعل الافعال الصالحة، ويجتنب الافعال القبيحة استدللنا بذلك على حسن إطلاق لفظ المؤمن عليه، وبهذا التفسير الذي فسرناه نسلم من إشكال الدور، لان لقائل أن يقول: من شرط الدليل أن يعلم قبل العلم بالمدلول، فلو كان كل واحد من الايمان والصالحات يستدل به على الاخر، لزم تقدم العلم بكل واحد منهما على العلم بكل واحد منهما، فيؤدى إلى الدور، ولا شبهة أن هذا الدور غير لازم على التفسير الذي فسرناه نحن.