وسببا للمزيد، لأنه تعالى قال: (لئن شكرتم لأزيدنكم) (1) والحمد هاهنا هو الشكر، ومعنى جعله الحمد دليلا على عظمته وآلائه أنه إذا كان سببا للمزيد، فقد دل ذلك على عظمة الصانع وآلائه، أما دلالته على عظمته. فلأنه دال على أن قدرته لا تتناهى أبدا بل كلما ازداد الشكر ازدادت النعمة. وأما دلالته على آلائه، فلأنه لا جود أعظم من جود من يعطى من يحمده، لا حمدا متطوعا، بل حمدا واجبا عليه.
قوله: " يجرى بالباقين كجريه بالماضين " من هذا أخذ الشعراء وغيرهم ما نظموه في هذا المعنى، قال بعضهم:
مات من مات والثريا الثريا * والسماك السماك والنسر نسر ونجوم السماء تضحك منا * كيف تبقى من بعدنا ونمر!
وقال آخر:
فما الدهر إلا كالزمان الذي مضى * ولا نحن إلا كالقرون الأوائل قوله: " لا يعود ما قد ولى منه " كقول الشاعر:
ما أحسن الأيام إلا أنها * يا صاحبي إذا مضت لم ترجع (2) قوله: " ولا يبقى سرمدا ما فيه " كلام مطروق المعنى، قال عدى:
ليس شئ على المنون بباق * غير وجه المهيمن الخلاق قوله: " آخر أفعاله كأوله " يروى: " كأولها " ومن رواه: " كأوله " أعاد الضمير إلى الدهر، أي آخر أفعال الدهر كأول الدهر، فحذف المضاف.
متشابهة أموره، لأنه كما كان من قبل يرفع ويضع، ويغني ويفقر، ويوجد ويعدم