وشبه من الطائر من جهة الريش والجناحين والذنب والمنقار. ثم إن ما فيه من شبه الطير جذبه إلى البيض، وما فيه من شبه البعير لم يجذبه إلى الولادة.
ويقال: إن النعامة مع عظم عظامها وشدة عدوها لا مخ فيها، وأشد ما يكون عدوها أن تستقبل الريح. فكلما كان أشد لعصوفها كان أشد لحضرها (1)، تضع عنقها على ظهرها ثم تخرق الريح. ومن أعاجيبها أن الصيف إذا دخل وابتدأ البسر في الحمرة ابتدأ لون وظيفها في الحمرة، فلا يزالان يزدادان حمرة إلى أن تنتهى حمرة البسر، ولذلك قيل للظليم: خاضب. ومن العجب أنها لا تأنس بالطير ولا بالإبل مع مشاكلتها للنوعين، ولا يكاد يرى بيضها مبددا البتة، بل تصفه طولا صفا مستويا على غاية الاستواء، حتى لو مددت عليه خيط المسطر لما وجدت لبعضه خروجا عن البعض، ثم تعطى لكل واحدة نصيبها من الحضن.
والذئب لا يعرض لبيض النعام ما دام الأبوان حاضرين، فإنهما متى نقفاه (2) ركبه الذكر فطحره (3) وأدركته الأنثى فركضته، ثم أسلمته إلى الذكر وركبته عوضه، فلا يزالان يفعلان به ذلك حتى يقتلاه أو يعجزهما هربا. والنعام قد يتخذ في الدور، وضرره شديد، لان النعامة ربما رأت في أذن الجارية قرطا فيه حجر أو حبة لؤلؤ، فخطفته وأكلته، وخرمت الاذن، أو رأت ذلك في لبتها فضربت بمنقارها اللبة فخرقتها.