ثم قال: إن نطقوا صدقوا، وإن سكتوا لم يكن سكوتهم عن عي يوجب كونهم مسبوقين، لكنهم ينطقون حكما، ويصمتون حلما.
ثم أمر عليه السلا بالتقوى والعمل الصالح، وقال: " ليصدق رائد أهله "، الرائد:
الذاهب من الحي يرتاد لهم المرعى، وفى أمثالهم: " الرائد لا يكذب أهله "، والمعنى أنه عليه السلام أمر الانسان بأن يصدق نفسه ولا يكذبها بالتسويف والتعليل، قال الشاعر:
أخي إذا خاصمت نفسك فاحتشد * لها وإذا حدثت نفسك فاصدق وفى المثل: " المتشبع بما لا يملك كلابس ثوبي زور ".
فإنه منها قدم، قد قيل: إن الله تعالى خلق أرواح البشر قبل أجسادهم، والخبر في ذلك مشهور والآية، أيضا، وهي قوله: ﴿وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم﴾ (1) ويمكن أن يفسر على وجه آخر، وذلك أن الآخرة اليوم عدم محض، والانسان قدم من العدم، وإلى العدم ينقلب، فقد صح أنه قدم من الآخرة ويرجع إلى الآخرة.
وروى: " أن العالم بالبصر " أي بالبصيرة، فيكون هو وقوله: " فالناظر بالقلب "، سواء، وإنما قاله تأكيدا، وعلى هذا الوجه لا يحتاج إلى تفسير وتأويل، فأما الرواية المشهورة فالوجه في تفسيرها أن يكون قوله: " فالناظر " مبتدأ و " العامل " صفة له، وقوله: " بالبصر يكون مبتدأ عمله " جملة مركبة من مبتدأ وخبر، موضعها رفع لأنها خبر المبتدأ الذي هو " فالناظر " وهذه الجملة المذكورة قد دخلت عليها " كان " فالجار والمجرور وهو الكلمة الأولى منها منصوبة الموضع، لأنها خبر " كان "، ويكون قوله فيما بعد: " أن يعلم " منصوب