بقواهما وقوى الطعم. ثم يعلمان أن حوصلته تحتاج إلى دباغ فيأكلان من شورج (1) أصول الحيطان، وهو شئ من الملح الخالص والتراب فيزقانه به. فإذا علما أنه قد اندبغ زقاه بالحب الذي قد غب في حواصلهما، ثم بالذي هو أطرى فأطرى، حتى يتعود، فإذا علما أنه قد أطاق اللقط منعاه بعض المنع، ليحتاج ويتشوف، فتطلبه نفسه، ويحرص عليه، فإذا فطماه وبلغا منتهى حاجته إليهما، نزع الله تلك الرحمة منهما، وأقبل بهما على طلب نسل آخر.
ويقال: إن حية أكلت بيض مكاء فجعل المكاء يشرشر على رأسها، ويدنو منها حتى دلعت (2) الحية لسانها، وفتحت فاها تريده وتهم به، فألقى فيها حسكة (3) فأخذت بحلقها حتى ماتت!
ومن دعاء الصالحين: يا رزاق النعاب (4) في عشه! وذلك أن الغراب إذا فقص عن فراخه، فقص عنها بيض الألوان، فينفر عنها ولا يزقها، فتفتح أفواهها، فيأتيها ذباب يتساقط في أفواهها، فيكون غذاءها إلى أن تسود، فينقطع الذباب عنها، ويعود الغراب إليها فيأنس بها ويغذيها.
والحبارى تدبق (5) جناح الصقر بذرقها، ثم يجتمع عليه الحباريات، فينتفن ريشه طاقة طاقة، حتى يموت، ولذلك يحاول الحبارى العلو عليه، ويحاول هو العلو عليها، ولا يتجاسر أن يدنو منها متسفلا عنها. ويقال: إن الحبارى تموت كمدا إذا انحسر عنها ريشها، ورأت صويحباتها تطير.