وكل الطير يتسافد بالأستاه إلا الحجل، فإن الحجلة تكون في سفاله الريح، واليعقوب (1) في علاوتها، فتلقح منه كما تلقح النخلة من الفحال (2) بالريح.
والحبارى شديد الحمق، يقال إنها أحمق الطير، وهي أشده حياطة لبيضها وفراخها.
والعقعق مع كونه أخبث الطير وأصدقها خبثا، وأشدها حذرا، ليس في الأرض طائر أشد تضييعا لبيضه وفراخه منه.
ومن الطير ما يؤثر التفرد كالعقاب ومنه ما يتعايش زوجا كالقطا.
والظليم يبتلع الحديد المحمى، ثم يميعه في قانصته حتى يحيله كالماء الجاري، وفى ذلك أعجوبتان: التغذي بما لا يغذى به، واستمراؤه وهضمه شيئا لو طبخ بالنار أبدا لما انحل.
وكما سخر الحديد لجوف الظليم فأحاله، سخر الصخر الأصم لأذناب الجراد، إذا أراد أن يلقى بيضه غرس ذنبه في أشد الأرض صلابة، فانصدع له، وذلك من فعل الطبيعة بتسخير الصانع القديم سبحانه، كما إن عود الحلفاء الرخو الدقيق (3) المنبت، يلقى في نباته الاجر والخزف الغليظ، فيثقبه.
وقد رأيت في مسناة سور بغداد، في حجر صلد نبعة نبات قد شقت وخرجت من موضع، لو حاول جماعة أن يضربوه بالبيارم الشديدة مدة طويلة لم يؤثر فيه أثرا.
وقد قيل: إن إبرة العقرب أنفذ في الطنجير (4) والطست.
وفى الظليم شبه من البعير من جهة المنسم والوظيف والعنق والخزامة التي في أنفه،